يا أيها الحبر الذي علمه وفضله في الناس مذكور كيف اختيار العبد أفعاله
والعبد في الأفعال مجبور لأنهم قد صرحوا : أنه
على الإرادات لمقسور ولم يكن فاعل أفعاله
حقيقة والحكم مشهور ومن هنا لم يكن للفعل في
ما يلحق الفاعل تأثير ( وما تشاءون دليل له
في صحة المحكي تقرير و ( كل شيء ثم لو سلمت لم
يك للخالق تقدير أو كان فاللازم من كونه
حدوثه والقول مهجور ولا يقال : علم الله ما يختار
فالمختار مسطور [ ص: 449 ] والجبر - إن صح - يكن مكرها
وعندك المكره معذور نعم ذلك الجبر كنت امرأ
له إلى نحوك تشمير أسقمني الشوق ولكنني
تقعدني عنك المقادير
لأنهم قد صرحوا أنه على الإرادات لمقسور
فيقال له : القسر على الإرادة منه .لأنهم قد صرحوا أنه على الإرادات لمقسور ولم يكن فاعل أفعاله
حقيقة والحكم مشهور
ومن هنا لم يكن للفعل في ما يلحق الفاعل تأثير
فإن أراد بذلك : أنه لا تأثير للفعل فيما يلحق الفاعل من المدح والذم والثواب والعقاب ; فهذا إنما يقوله منكرو الأسباب ; كجهم ومن [ ص: 485 ] وافقه ; وإلا فالسلف والأئمة متفقون على إثبات الأسباب والحكم : خلقا وأمرا .( وكل شيء ) . ثم لو سلمت لم يك للخالق تقدير
إن أراد به أنه لو سلم أن العبد فاعل أفعاله حقيقة ونحو ذلك من أقوال السلف لزم نفي التقدير فهذا التلازم ممنوع . وإن أراد أنه لو سلم أن يشاء ما لم يشأ الله لزم انتفاء مشيئة الله عن المحرمات والمباحات باتفاق الناس بل يلزم انتفاء مشيئته في الحقيقة لأفعال العباد كلها كما يلزم انتفاء قدرته على أفعال العباد كلها وانتفاء خلقه لشيء منها وفي ذلك نفي هذا التقدير الذي هو بمعنى المشيئة والقدرة والخلق .أو كان فاللازم من كونه حدوثه والقول مهجور
كأنه يريد - والله أعلم - أو كان الله مقدرا لها عالما بها فيلزم من كونه عالما بها مقدرا لها بعد أن تكون حدوث العلم بها بعد أن كانت ويلزم أن لا يكون الرب عالما بأفعال العباد ولا مقدرا لها حتى فعلت وهذا القول مهجور باطل مما اتفق على بطلانه سلف الصحابة والتابعين لهم بإحسان وسائر علماء المسلمين بل كفروا من قاله والكتاب والسنة مع الأدلة العقلية تبين فساده .ولا يقال علم الله ما يختار فالمختار مسطور
[ ص: 498 ] فهو يتضمن إيراد سؤال من القدرية . وجوابه منهم : فإنهم قد يقولون : نحن نقول : إنه يعلم وإذا قلنا ذلك لم نكن قد نفينا القدر بل أثبتنا القدر بمعنى العلم مع نفي كون الرب تعالى شائيا جميع الحوادث خالقا لأفعال العباد قال الناظم فإن الذي يختاره العبد مسطور قبل ذلك فلا يمكن بغيره فيلزم الجبر .والجبر إن صح يكن مكرها وعندك المكره معذور
فيقال : قد تقدم بيان معنى " الجبر " ; وأن الجبر إذا أريد به الإكراه كما يجبر الإنسان غيره ويكرهه على خلاف مراده ; فالله تعالى أجل وأعلى وأقدر من أن يحتاج إلى مثل هذا الجبر والإكراه ; فإن هذا إنما يكون من عاجز يعجز عن جعل غيره مريدا لفعله مختارا له محبا له راضيا به والله سبحانه على كل شيء قدير فإذا شاء أن يجعل العبد محبا لما يفعله ; مختارا له جعله كذلك ; وإن شاء أن يجعله مريدا له بلا محبة بل مع كراهة فيفعله كارها له جعله كذلك .والجبر إن صح يكن مكرها وعندك المكره معذور