. فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يحرص على ما ينفعه والذي ينفعه [ ص: 548 ] يحتاج إلى منازعة شياطين الإنس والجن ودفع ما قدر من الشر بما قدره الله من الخير . وعليه مع ذلك أن يستعين بالله فإنه لا حول ولا قوة إلا به وأن يكون عمله خالصا لله ; فإن الله لا يقبل من العمل إلا ما أريد به وجهه وهذا حقيقة قولك : { إياك نعبد } والذي قبله حقيقة { وإياك نستعين } فعليه أن يعبد الله بفعل المأمور وترك المحظور وأن يكون مستعينا بالله على ذلك وفي عبادة الله وطاعته فيما أمر إزالة ما قدر من الشر بما قدر من الخير ودفع ما يريده الشيطان ويسعى فيه من الشر قبل أن يصل بما يدفعه الله به من الخير .
فالذي ذكره الشيخ رحمه الله هو الذي أمر الله به ورسوله . [ ص: 549 ] والمقصود من ذلك أن كثيرا من أهل السلوك والإرادة يشهدون ربوبية الرب وما قدره من الأمور التي ينهى عنها فيقفون عند شهود هذه الحقيقة الكونية ويظنون أن هذا من باب الرضا بالقضاء والتسليم وهذا جهل وضلال قد يؤدي إلى الكفر والانسلاخ من الدين فإن الله لم يأمرنا أن نرضى بما يقع من الكفر والفسوق والعصيان بل أمرنا أن نكره ذلك وندفعه بحسب الإمكان كما قال النبي صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=26106من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان }
. فالمؤمن إذا كان صبورا شكورا يكون ما يقضى عليه من المصائب خيرا [ ص: 550 ] له وإذا كان آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر مجاهدا في سبيله كان ما قدر له من كفر الكفار سببا للخير في حقه وكذلك إذا دعاه الشيطان والهوى كان ذلك سببا لما حصل له من الخير فيكون ما يقدر من الشر إذا نازعه ودافعه كما أمره الله ورسوله سببا لما يحصل له من البر والتقوى وحصول الخير والثواب وارتفاع الدرجات . فهذا وأمثاله مما يبين معنى هذا الكلام . والله أعلم .