قوله تعالى:
فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم
ومما يستحب الإتيان به قبل القراءة في الصلاة: التعوذ، عند جمهور العلماء .
واستدلوا بقوله تعالى:
فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم والمعنى: إذا أردت القراءة، هكذا فسر الآية الجمهور . وحكي عن بعض المتقدمين، منهم:
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء : التعوذ بعد القراءة . والمروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين : قبل قراءة أم القرآن وبعدها، فلعله كان يستعيذ لقراءة السورة، كما يقرأ البسملة لها - أيضا .
[ ص: 622 ] وقد جاءت الأحاديث
nindex.php?page=hadith&LINKID=4073بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتعوذ قبل القراءة في الصلاة:
فروى
nindex.php?page=showalam&ids=16718عمرو بن مرة ، عن
عاصم العنزي، عن
ابن جبير بن مطعم ، عن أبيه،
nindex.php?page=hadith&LINKID=672574أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي صلاة، قال: "الله أكبر كبيرا، الله أكبر كبيرا، الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، سبحان الله بكرة وأصيلا" ثلاثا . "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، من نفخه ونفثه وهمزه " قال: نفثه: الشعر، ونفخه: الكبر، وهمزه: الموتة .
خرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان في "صحيحه "
nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم وصححه .
وابن جبير هو: نافع ، وقع مسمى في رواية كذلك .
وعاصم العنزي، قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : لا يعرف، وقال غيره: روى عنه غير واحد . ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في "ثقاته" .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16571عطاء بن السائب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12067أبي عبد الرحمن السلمي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود . عن النبي - صلى الله عليه وسلم -،
nindex.php?page=hadith&LINKID=677313أنه كان إذا دخل في الصلاة، يقول: "اللهم إني أعوذ بك من الشيطان وهمزه ونفخه ونفثه " . خرجه
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم وهذا لفظه . وقال: صحيح الإسناد، فقد استشهد
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=16571بعطاء بن السائب .
وروى
علي بن علي الرفاعي، عن
أبي المتوكل، عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري . قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=662595كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام إلى الصلاة بالليل كبر، ثم يقول: "أعوذ [ ص: 623 ] بالله السميع من الشيطان الرجيم، من همزه ونفخه ونفثه " .
خرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي .
وقال: كان
nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد يتكلم في
علي بن علي، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : لا يصح هذا الحديث .
كذا قال، وإنما تكلم فيه
nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد من جهة أنه رماه بالقدر، وقد وثقه
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع nindex.php?page=showalam&ids=17336ويحيى بن معين وأبو زرعة .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : لا بأس له، إلا أنه رفع أحاديث .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11970أبو حاتم : ليس به بأس، ولا يحتج بحديثه .
وإنما تكلم
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في هذا الحديث; لأنه روي عن
علي بن علي، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن - مرسلا -، وبذلك أعله
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود ، وخرج في "مراسيله " من طريق
عمران بن مسلم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن، nindex.php?page=hadith&LINKID=672581أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قام من الليل يريد أن يتهجد، يقول - قبل أن يكبر: "لا إله إلا الله، لا إله إلا الله، والله أكبر كبيرا، الله أكبر كبيرا، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، من همزه ونفخه ونفثه " ثم يقول: "الله أكبر" .
وفي الباب أحاديث أخر مرفوعة، فيها ضعف .
واعتماد
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد على المروي عن الصحابة في ذلك; فإنه روى
التعوذ قبل القراءة في الصلاة عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة ، وهو قول جمهور العلماء كما تقدم .
[ ص: 624 ] والجمهور على أنه غير واجب، وحكي وجوبه عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري وبعض
الظاهرية، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=12998ابن بطة من أصحابنا .
والجمهور على أنه يسره في الصلاة الجهرية، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود والأكثرين .
وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة الجهر به .
nindex.php?page=showalam&ids=13790وللشافعي قولان . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى : الإسرار والجهر سواء .
واختلفوا:
هل يختص التعوذ بالركعة الأولى، أم يستحب في كل ركعة؟ على قولين:
أحدهما: يستحب في كل ركعة، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين ،
nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد - في رواية .
والثاني: أنه يختص بالركعة الأولى، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد - في رواية عنه .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17240هشام بن حسان : كان
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن يتعوذ في كل ركعة، وكان
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين يتعوذ في كل ركعتين .
وذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وأصحابه إلى أنه لا يتعوذ في الصلاة المكتوبة، بل يفتتح بعد التكبير بقراءة الفاتحة من غير استعاذة ولا بسملة، واستدلوا بظاهر حديث
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس :
nindex.php?page=hadith&LINKID=932525كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفتتح الصلاة بـ: الحمد لله رب العالمين . وهو الحديث الذي خرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في أول هذا الباب .
ويجاب عنه، بأنه إنما أراد أنه يفتتح قراءة الصلاة بالتكبير والقراءة بـ:
الحمد لله رب العالمين وافتتاح القراءة بـ: " الحمد لله " إما أن يراد به
[ ص: 625 ] افتتاحها بقراءة الفاتحة كما يقول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، أو افتتاح قراءة الصلاة الجهرية بكلمة (الحمد) من غير بسملة كما يقوله الآخرون .
ودل عليه: حديث
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس الذي خرجه
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم صريحا .
وعلى التقديرين، فلا ينفي ذلك أن يكون قبل القراءة ذكرا، أو دعاء، أو استفتاحا، أو تعوذا، أو بسملة، فإنه لا يخرج بذلك عن أن يكون افتتح القراءة بالفاتحة، أو افتتح الجهر بالقراءة بكلمة (الحمد) . ولا يمكن حمل الحديث على أنه كان أول ما يفتتح به الصلاة قراءة كلمة (الحمد) ، فإنه لو كان كذلك لكان لا يفتتح الصلاة بالتكبير، وهذا باطل غير مراد قطعا . والله أعلم .