[ ص: 517 ] سورة القيامة قوله تعالى:
وجوه يومئذ ناضرة (22)
إلى ربها ناظرة
[قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ] : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14171الحميدي : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17070مروان بن معاوية : ثنا
إسماعيل عن قيس، عن
nindex.php?page=showalam&ids=97جرير بن عبد الله ، قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=656882كنا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فنظر إلى القمر ليلة البدر، فقال: "إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا" ثم قرأ: وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب " . قال
إسماعيل: افعلوا لا تفوتنكم . هذا الحديث نص في ثبوت
رؤية المؤمنين لربهم في الآخرة، كما دل على ذلك قوله تعالى:
وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ومفهوم قوله في حق الكفار:
كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وغيره: لما حجب أعداءه في السخط دل على أن أولياءه يرونه في الرضا .
والأحاديث في ذلك كثيرة جدا، وقد ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بعضها في أواخر "الصحيح " في "كتاب التوحيد" وقد أجمع على ذلك السلف الصالح من الصحابة والتابعين لهم بإحسان من الأئمة وأتباعهم .
[ ص: 518 ] وإنما خالف فيه طوائف أهل البدع، من الجهمية والمعتزلة ونحوهم ممن يرد النصوص الصحيحة لخيالات فاسدة وشبهات باطلة، يخيلها لهم الشيطان، فيسرعون إلى قبولها منه، ويوهمهم أن هذه النصوص الصحيحة تستلزم باطلا، ويسميه تشبيها أو تجسيما، فينفرون منه، كما خيل إلى المشركين قبلهم أن عبادة الأوثان ونحوها تعظيم لجناب الرب، وأنه لا يتوصل إليه من غير وسائط تعبد فتقرب إليه زلفا، وأن ذلك أبلغ في التعظيم والاحترام، وقاسه لهم على ملوك بني آدم، فاستجابوا لذلك، وقبلوه منه .
وإنما بعث الله الرسل وأنزل الكتب لإبطال ذلك كله، فمن اتبع ما جاءوا به فقد اهتدى، ومن أعرض عنه أو عن شيء منه واعترض فقد ضل .
وقوله: "كما ترون هذا القمر" شبه الرؤية بالرؤية، لا المرئي بالمرئي سبحانه وتعالى .
وإنما شبه الرؤية برؤية البدر، لمعنيين:
أحدهما: أن رؤية القمر ليلة البدر لا يشك فيه ولا يمترى .
والثاني . يستوي فيه جميع الناس من غير مشقة .
وقد ظن
nindex.php?page=showalam&ids=15211المريسي ونحوه ممن ضل وافترى على الله، أن هذا الحديث يرد . لما يتضمن من التشبيه، فضل وأضل . واتفق السلف الصالح على تلقي هذا الحديث بالقبول والتصديق .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد بن هارون : من كذب بهذا الحديث فهو بريء من الله ورسوله .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع : من رد هذا الحديث فاحسبوه من الجهمية . وكان
حسين الجعفي إذا حدث بهذا الحديث، قال: زعم
nindex.php?page=showalam&ids=15211المريسي . [ ص: 519 ] وقوله:
nindex.php?page=hadith&LINKID=650521 "لا تضامون في رؤيته " .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : "لا تضامون " روي على وجهين:
مفتوحة التاء، مشددة الميم، وأصله تتضامون، أي لا يضام بعضكم بعضا، أي: لا يزاحم، من الضم، كما يفعل الناس في طلب الشيء الخفي، يريد أنكم ترون ربكم وكل واحد منكم وادع في مكانه، لا ينازعه فيه أحد .
والآخر: مخفف: تضامون - بضم التاء - من الضيم، أي: لا يضيم بعضكم بعضا فيه . انتهي .
وذكر
ابن السمعاني فيه رواية ثالثة: "تضامون " - بضم التاء، وتشديد الميم - قال: ومعناها: لا تزاحمون، قال: ورواية - فتح التاء مع تشديد الميم - معناها: لا تزاحمون .
وقوله:
nindex.php?page=hadith&LINKID=650521 "كما ترون القمر ليلة البدر" يقوي المعنى الأول .
وجاء التصريح به في رواية
nindex.php?page=hadith&LINKID=696448أبي رزين العقيلي ، أنه قال: يا رسول الله . أكلنا يرى ربه يوم القيامة؟ وما آية ذلك في خلقه؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أليس كلكم ينظر إلى القمر مخليا به؟ " قال: بلى، قال: "فالله أعظم " . خرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد .
وخرجه ابنه
nindex.php?page=showalam&ids=16408عبد الله في "المسند" بسياق مطول جدا، وفيه ذكر البعث والنشور، وفيه:
nindex.php?page=hadith&LINKID=696462 "فتخرجون من الأصواء - أو: من مصارعكم - فتنظرون إليه وينظر [ ص: 520 ] إليكم قال: قلت: يا رسول الله، وكيف ونحن ملء الأرض وهو شخص واحد، ينظر إلينا وننظر إليه ؟ قال: "أنبئك بمثل ذلك، الشمس والقمر، آية منه صغيرة ترونهما ويريانكم ساعة واحدة، لا تضارون في رؤيتهما، ولعمر إلهك لهو أقدر على أن يراكم وترونه من أن ترونهما ويريانكم، لا تضارون في رؤيتهما " وذكر بقية الحديث .
وخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم وقال: صحيح الإسناد .
وقد ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=13568أبو عبد الله بن منده إجماع أهل العلم على قبول هذا الحديث ونقل
عباس الدوري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17336ابن معين أنه استحسنه .
وقوله:
nindex.php?page=hadith&LINKID=650521 "فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا" أمر بالمحافظة على هاتين الصلاتين، وهما صلاة الفجر وصلاة العصر، وفيه إشارة إلى عظم قدر هاتين الصلاتين، وأنهما أشرف الصلوات الخمس، ولهذا قيل في كل منهما: إنها الصلاة الوسطى، والقول بأن الوسطى غيرهما لا تعويل عليه . وقد قيل في مناسبة الأمر بالمحافظة على هاتين الصلاتين عقيب ذكر الرؤية أن أعلى ما في الجنة رؤية الله عز وجل، وأشرف ما في الدنيا من الأعمال هاتان الصلاتان، فالمحافظة عليهما يرجى بها دخول الجنة ورؤية الله عز وجل فيها . كما في الحديث الآخر:
nindex.php?page=hadith&LINKID=650540 "من صلى البردين دخل الجنة" وسيأتي - إن شاء
[ ص: 521 ] الله في موضعه . وقيل: هو إشارة إلى أن
دخول الجنة إنما يحصل بالصلاة مع الإيمان، فمن لا يصلي فليس بمسلم، ولا يدخل الجنة بل هو من أهل النار، ولهذا قال أهل النار لما قيل لهم:
ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين ويظهر وجه آخر في ذلك، وهو: أن أعلى أهل الجنة منزلة من ينظر في وجه الله عز وجل مرتين بكرة وعشيا، وعموم أهل الجنة يرونه في كل جمعة في يوم المزيد، والمحافظة على هاتين الصلاتين على ميقاتهما ووضوئهما وخشوعهما وآدابهما يرجى به أن يوجب النظر إلى الله عز وجل في الجنة في هذين الوقتين . ويدل على هذا ما روى
ثوير بن أبي فاختة، قال: سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر . يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
nindex.php?page=hadith&LINKID=664846 "إن أدنى أهل الجنة منزلة لمن ينظر إلى جنانه وأزواجه ونعيمه وخدمه وسرره مسيرة ألف سنة، وأكرمهم على الله من ينظر إلى وجهه غدوة وعشيا" ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة .
خرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي وهذا لفظه . وخرجه - أيضا - موقوفا على
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر .
وثوير فيه ضعف . وقد روي هذا المعنى من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=88أبي برزة الأسلمي مرفوعا -أيضا - وفي إسناده ضعف .
[ ص: 522 ] وقاله غير واحد من السلف منهم:
nindex.php?page=showalam&ids=16423عبد الله بن بريدة وغيره . فالمحافظة على هاتين الصلاتين تكون سببا لرؤية الله في الجنة في مثل هذين الوقتين، كما أن المحافظة على الجمعة سبب لرؤية الله في يوم المزيد في الجنة، كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : سارعوا إلى الجمعات; فإن الله يبرز لأهل الجنة في كل جمعة على كثيب من كافور أبيض، فيكونون منه في الدنو على قدر تبكيرهم إلى الجمعات . وروي عنه مرفوعا . خرجه
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه .
وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، قال: من دخل الجنة من أهل القرى لم ينظر إلى وجه الله; لأنهم لا يشهدون الجمعة .
خرجه
أبو بكر عبد العزيز بن جعفر في كتاب "الشافي " بإسناد ضعيف . وقد روي من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس مرفوعا:
"إن النساء يرين ربهن في الجنة في يومي العيدين " .
والمعنى في ذلك: أنهن كن يشاركن الرجال في شهود العيدين دون الجمع . وقوله: ثم قرأ:
وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب الظاهر أن القارئ لذلك هو النبي - صلى الله عليه وسلم - .
وقد روي من رواية
nindex.php?page=showalam&ids=15941زيد بن أبي أنيسة، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12428إسماعيل بن أبي خالد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=97جرير البجلي في هذا الحديث: ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
وسبح بحمد ربك الآية .
[ ص: 523 ] خرجه
nindex.php?page=showalam&ids=16132أبو إسماعيل الأنصاري في كتاب "
nindex.php?page=showalam&ids=2الفاروق " .
وقد قيل: إن هذه الكلمة مدرجة، وإنما القارئ هو
nindex.php?page=showalam&ids=97جرير بن عبد الله البجلي . وقد خرجه
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في "صحيحه " عن
أبي خيثمة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17070مروان بن معاوية فذكر الحديث، وقال في آخره: ثم قرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15628جرير :
وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب وكذا رواه
عمرو بن زرارة وغيره، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17070مروان بن معاوية ، وأدرجه عنه آخرون .