[ ص: 598 ] سورة العلق
قوله تعالى:
أرأيت الذي ينهى (9)
عبدا إذا صلى
[قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ] : قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=12026أبو سفيان في حديث
هرقل . فقال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=650006يأمرنا - يعني: النبي - صلى الله عليه وسلم - بالصلاة والصدق والعفاف .
حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12026أبي سفيان هذا قد خرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بتمامه في أول كتابه، وهو يدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان أهم ما يأمر به أمته الصلاة، كما يأمرهم بالصدق والعفاف، واشتهر ذلك حتى شاع بين الملل المخالفين له في دينه، فإن
أبا سفيان كان حين قال ذلك مشركا، وكان
هرقل نصرانيا، ولم يزل - صلى الله عليه وسلم - منذ بعث يأمر بالصدق والعفاف، ولم يزل يصلي - أيضا - قبل أن تفرض الصلاة . وأول ما أنزل عليه سورة:
اقرأ باسم ربك وفي آخرها:
أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى إلى قوله:
كلا لا تطعه واسجد واقترب وقد نزلت هذه الآيات بسبب قول
أبي جهل: لئن رأيت
محمدا ساجدا عند البيت لأطأن على عنقه . وقد خرج هذا الحديث
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في "صحيحه "، وقد ذكرنا في أول كتاب:
[ ص: 599 ] "الوضوء" حديث
أسامة، nindex.php?page=hadith&LINKID=697678أن جبريل نزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - في أول الأمر، فعلمه الوضوء والصلاة .
وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق : أن الصلاة افترضت عليه حينئذ، وكان هو - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=showalam&ids=10640وخديجة يصليان . والمراد: جنس الصلاة، لا الصلوات الخمس .
والأحاديث الدالة على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي
بمكة قبل الإسراء كثيرة . لكن قد قيل: إنه كان قد فرض عليه ركعتان في أول النهار وركعتان في آخره فقط، ثم افترضت عليه الصلوات الخمس ليلة الإسراء، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=17132مقاتل وغيره .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : كان بدء الصلاة ركعتين بالغداة، وركعتين بالعشي . وإنما أراد هؤلاء: أن ذلك كان فرضا قبل افتراض الصلوات الخمس ليلة الإسراء . وقد زعم بعضهم: أن هذا هو مراد
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة بقولها: فرضت الصلاة ركعتين ركعتين، وقالوا: إن الصلوات الخمس فرضت أول ما فرضت أربعا وثلاثا وركعتين على وجهها .
وضعف الأكثرون ذلك، وقالوا: إنما أرادت
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة فرض الصلوات الخمس ركعتين ركعتين سوى المغرب .
[ ص: 600 ] وقد ورد من حديث
عفيف الكندي ،
أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي بمكة حين زالت الشمس ومعه nindex.php?page=showalam&ids=8علي nindex.php?page=showalam&ids=10640وخديجة ، وأن العباس قال له: ليس على هذا الدين أحد غيرهم .
وقد خرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي في "خصائص
nindex.php?page=showalam&ids=8علي" . وقد طعن في إسناده
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في "تاريخه "
والعقيلي وغير واحد .
وقد خرج
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس ، قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=666032بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الاثنين، وصلى علي يوم الثلاثاء . " وإسناده ضعيف .
وقد خرجه
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=134بريدة ، وصححه . وفيه دليل على أن
الصلاة شرعت من ابتداء النبوة، لكن الصلوات الخمس لم تفرض قبل الإسراء بغير خلاف .
وروى
الربيع، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، قال: سمعت ممن أثق بخبره وعلمه يذكر أن الله تعالى أنزل فرضا في الصلاة، ثم نسخه بفرض غيره، ثم نسخ الثاني بالفرض في الصلوات الخمس .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : كأنه يعني قول الله عز وجل:
يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا نصفه أو انقص منه قليلا أو زد عليه ثم نسخه في
[ ص: 601 ] السورة معه بقوله:
إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل الآية . إلى قوله:
فاقرءوا ما تيسر من القرآن فنسخ قيام الليل، أو نصفه، أو أقل، أو أكثر بما تيسر .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : ويقال نسخ ما وصف في المزمل بقوله الله عز وجل:
أقم الصلاة لدلوك الشمس ودلوك الشمس: زوالها
إلى غسق الليل العتمة
وقرآن الفجر الصبح
ومن الليل فتهجد به نافلة لك فأعلمه أن
صلاة الليل نافلة لا فريضة، وأن الفرائض فيما ذكر من ليل أو نهار . قال: ويقال في قول الله عز وجل:
فسبحان الله حين تمسون المغرب والعشاء
وحين تصبحون الصبح
وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا العصر
وحين تظهرون الظهر . انتهى .
وقد روي عن طائفة من السلف تفسير هاتين الآيتين بنحو ما قاله
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، فكل آية منهما متضمنة لذكر الصلوات الخمس، ولكنهما نزلتا بمكة بعد الإسراء . والله أعلم
. وقد أجمع العلماء على أن
الصلوات الخمس إنما فرضت ليلة الإسراء . واختلفوا في وقت الإسراء: فقيل: كان بعد البعثة بخمسة عشر شهرا، وهذا القول بعيد جدا . وقيل: إنه كان قبل الهجرة بثلاث سنين، وهو أشهر . وقيل: قبل الهجرة بسنة واحدة . وقيل: قبلها بستة أشهر .
[ ص: 602 ] وقيل: كان بعد البعثة بخمس سنين، ورجحه بعضهم، قال: لأنه لا خلاف أن
nindex.php?page=showalam&ids=10640خديجة صلت معه بعد فرض الصلاة، ولا خلاف أنها توفيت قبل الهجرة بمدة، قيل: بثلاث سنين، وقيل: بخمس، وقد أجمع العلماء على أن فرض الصلاة كان ليلة الإسراء .
قلت: حكايته الإجماع على صلاة
nindex.php?page=showalam&ids=10640خديجة معه بعد فرض الصلاة غلط محض، ولم يقل هذا أحد ممن يعتد بقوله .
وقد خرج
nindex.php?page=showalam&ids=12201أبو يعلى الموصلي nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني من حديث
إسماعيل بن مجالد، عن أبيه عن
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=913731أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن nindex.php?page=showalam&ids=10640خديجة ; فإنها ماتت قبل أن تنزل الفرائض والأحكام؟ فقال: "أبصرتها على نهر من أنهار الجنة، وفي بيت من قصب، لا لغو فيه ولا نصب " .
وروى
الزبير بن بكار ، بإسناد ضعيف، عن
يونس عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ، قالت: توفيت
nindex.php?page=showalam&ids=10640خديجة قبل أن تفرض الصلاة .
وقد فرق بعضهم بين الإسراء والمعراج، فجعل المعراج إلى السماوات كما ذكره الله في سورة النجم، وجعل الإسراء إلى بيت المقدس خاصة، كما ذكره الله في سورة (سبحان) وزعم أنهما كانا في ليلتين مختلفتين، وأن الصلوات فرضت ليلة المعراج لا ليلة الإسراء . وهذا هو الذي ذكره محمد بن
سعد في "طبقاته " عن
nindex.php?page=showalam&ids=15472الواقدي بأسانيد له متعددة، وذكر أن المعراج إلى السماء كان ليلة السبت لسبع عشرة خلت من شهر رمضان قبل الهجرة بثمانية عشر شهرا من المسجد الحرام، وتلك الليلة فرضت الصلوات الخمس، ونزل
جبريل فصلى برسول الله - صلى الله عليه وسلم -
[ ص: 603 ] الصلوات في مواقيتها، وأن الإسراء إلى بيت المقدس كان ليلة سبع عشرة من شهر ربيع الأول قبل الهجرة بسنة، من شعب
أبي طالب .
وما بوب عليه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أن الصلوات فرضت في الإسراء يدل على أن الإسراء عنده والمعراج واحد . والله أعلم .