[ ص: 636 ] سورة الماعون
قوله تعالى:
فويل للمصلين (4)
الذين هم عن صلاتهم ساهون
وقد وردت آثار كثيرة عن السلف في
تارك الصلاة عمدا، أنه لا تقبل منه صلاة، كما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=1الصديق - رضي الله عنه -، أنه قال
nindex.php?page=showalam&ids=2لعمر في وصيته له: إن لله حقا بالليل لا يقبله بالنهار، وحقا بالنهار لا يقبله بالليل .
يشير إلى صلوات الليل والنهار .
وفي حديث
nindex.php?page=hadith&LINKID=677473مرفوع: "ثلاثة لا يقبل لهم صلاة"، ذكر منهم: "الذي لا يأتي الصلاة إلا دبارا" - يعني: بعد فوات الوقت .
خرجه
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو - مرفوعا . وفي إسناده ضعف .
ولكن مجرد نفي القبول لا يستلزم عدم وجوب الفعل، كصلاة السكران في مدة الأربعين، وصلاة الآبق والمرأة التي زوجها عليها ساخط . فإن قيل: فقد قال تعالى:
فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون وفسره الصحابة بإضاعة مواقيتها . وكذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود في المحافظة على الصلاة: أي المحافظة على مواقيتها، وأن تركها كفر .
[ ص: 637 ] ففرقوا بين تركها وبين صلاتها بعد وقتها . وقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالصلاة خلف من أخبر أنه يضيع الصلاة ويصليها لغير وقتها، وهذا يدل على أن صلاتهم صحيحة . وقد
nindex.php?page=hadith&LINKID=664561سئل عن الأمراء وقتالهم؟ قال: "لا، ما صلوا، وكانت على هذا الوجه " . فدل على إجزائها . قيل: السهو عن مواقيت الصلاة لا يستلزم تعمد التأخير عن الوقت الحاضر، فإنه قد يقع على وجه التهاون بتأخير الصلاة حتى يفوت الوقت - أحيانا - عن غير تعمد لذلك، وقد يكون تأخيرها إلى وقت الكراهة، أو إلى الوقت المشترك الذي يجمع فيه أهل الأعذار عند جمهور العلماء، وغيرهم على رأي طائفة من المدنيين . وهذه الصلاة كلها مجزئة، ولا يكون المصلي لها كالتارك بالاتفاق -
وقد سئل
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ، عن قوله:
فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون فدخل المسجد، فرأى قوما قد أخروا الصلاة، لا يتمون ركوعا ولا سجودا، فقال: الذي سألتني عنهم هم هؤلاء . وهذه الصلاة مثل الصلاة التي سماها النبي - صلى الله عليه وسلم -: "صلاة المنافقين " . وهكذا كانت صلاة الأمراء الذين أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالصلاة خلفهم نافلة، فإنهم كانوا
يؤخرون العصر إلى اصفرار الشمس، وربما أخروا الصلاتين إلى ذلك الوقت، وهو تأخير إلى الوقت المشترك لأهل الأعذار، وكغيرهم عند طائفة من العلماء . فليس حكمهم حكم من ترك الصلاة; فإن التارك هو المؤخر عمدا إلى
[ ص: 638 ] وقت مجمع على أنه غير جائز، كتأخير صلاة الليل إلى النهار، وصلاة النهار إلى الليل عمدا، وتأخير الصبح إلى بعد طلوع الشمس عمدا .