وقد أجمع العلماء على أن
مسح الوجه واليدين بالتراب في التيمم فرض لا بد منه في الجملة، فإن الله تعالى يقول:
فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه
ولكن اختلفوا في
قدر الفرض من ذلك:
فأما " الوجه ":
فمذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وجمهور العلماء: أنه يجب استيعاب بشرته بالمسح بالتراب، ومسح ظاهر الشعر الذي عليه، وسواء كان ذلك الشعر يجب إيصال الماء إلى ما تحته كالشعر الخفيف الذي يصف البشرة، أم لا، هذا هو الصحيح .
وفي مذهبنا ومذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وجه آخر: أنه يجب إيصال التراب إلى ما تحت الشعور التي يجب إيصال الماء إلى ما تحتها، ولا يجب عند أصحابنا إيصال الماء إلى باطن الفم والأنف، وإن وجب عندهم المضمضة والاستنشاق في الوضوء .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة روايات، إحداها: كقول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد . والثانية: إن
[ ص: 405 ] ترك قدر درهم لم يجزئه، وإن ترك دونه أجزأه . والثالثة: إن ترك دون ربع الوجه أجزأه، وإلا فلا . والرابعة: إن مسح أكثره وترك الأقل منه أو من الذراع أجزأه، وإلا فلا، وحكاه
الطحاوي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبي يوسف nindex.php?page=showalam&ids=15922وزفر .
وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر ، عن
سليمان بن داود الهاشمي: أن مسح التيمم حكمه حكم مسح الرأس في الوضوء، يجزئ فيه البعض . وكلام
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد يدل على حكاية الإجماع على خلاف ذلك . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14032الجوزجاني: ثنا
إسماعيل بن سعيد الشالنجي، قال: سألت
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل عمن
ترك مسح بعض وجهه في التيمم؟ قال: يعيد الصلاة . فقلت له: فما بال الرأس يجزئ في المسح ولم يجز أن يترك ذلك من الوجه في التيمم؟ فقال: لم يبلغنا أن أحدا ترك ذلك من تيممه . قال
الشالنجي: وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16040أبو أيوب - يعني: سليمان بن داود الهاشمي يجزئه في التيمم إن لم يصب بعض وجهه أو بعض كفيه، لأنه بمنزلة المسح على الرأس; إذا ترك منه بعضا أجزأه .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14032الجوزجاني: فذكرت ذلك
ليحيى بن يحيى - يعني: النيسابوري فقال: المسح في التيمم كما يمسح الرأس، لا يتعمد لترك شيء من ذلك، فإن بقي شيء منه لم يعد، وليس هو عندي بمنزلة الوضوء .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14032الجوزجاني: لم نسمع أحدا يتبع ذلك من رأسه في المسح، ولا بين أصابعه في التيمم كما يتبعوا في الوضوء بالتخليل، فأحسن الأقاويل منها ما ذكره
يحيى بن يحيى: أن لا يتعمد ترك شيء من ذلك، فإن بقي شيء لم يعد . انتهى .
[ ص: 406 ] وظاهر هذا: يدل على أن مذهب
سليمان بن داود ويحيى بن يحيى والجوزجاني: أنه إذا ترك شيئا من وجهه ويديه في التيمم لم يعد الصلاة . ونقل
nindex.php?page=showalam&ids=15703حرب، عن
إسحاق، أنه قال: تضرب بكفيك على الأرض، ثم تمسح بهما وجهك، وتمر بيديك على جميع الوجه واللحية، أصاب ما أصاب وأخطأ ما أخطأ، ثم تضرب مرة أخرى بكفيك . ومراد
إسحاق: أنه لا يشترط وصول التراب إلى جميع أجزاء الوجه كما يقوله من يقوله من الشافعية وغيرهم، حتى نص
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : أنه لو بقي من محل الفرض شيء لا يدركه الطرف لم يصح التيمم . واستشكل
أبو المعالي الجويني تحقق وصول التراب إلى اليدين إلى المرفقين بضربة واحدة، وقال: الذي يجب اعتقاده أن الواجب استيعاب المحل بالمسح باليد المغبرة من غير ربط الفكر بانبساط الغبار على جميع المحل . قال: وهذا شيء أظهر به، ولم أر منه بدا .
وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=13365ابن عطية في "تفسيره " عن
nindex.php?page=showalam&ids=80محمد بن مسلمة من المالكية: أنه لا يجب أن يتبع الوجه بالتراب كما يتبع بالماء، وجعله كالخف وما بين الأصابع في اليدين - يعني: في التيمم .
وحكى في وجوب
تخليل الأصابع وتحريك الخاتم قولين لأصحابهم: بالوجوب، والاستحباب .
وحكى
ابن حزم في وجوب
تخليل اللحية بالتراب اختلافا . وأما " اليدان ": فأكثر العلماء على وجوب
مسح الكفين: ظاهرهما وباطنهما بالتراب إلى [ ص: 407 ] الكوعين، وقد ذكرنا أن بعض العلماء لم يوجب استيعاب ذلك بالمسح .
وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=13365ابن عطية عن
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي : أنه يمسح الكفين فقط، لحديث
nindex.php?page=showalam&ids=56عمار ، وأنه لم يوجب إيصال التراب إلى الكوعين، وهذا لا يصح . والله أعلم .
وإنما المراد بحديث
nindex.php?page=showalam&ids=56عمار ، وبما قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي وغيره من مسح الكفين: مسحهما إلى الكوعين، وقد جاء ذلك مقيدا، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14724أبو داود الطيالسي . عن
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة ، عن
الحكم: سمع
ذر بن عبد الله ، عن
ابن عبد الرحمن بن أبزى ، عن أبيه، عن
nindex.php?page=showalam&ids=56عمار ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=698456أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: "إنما كان يجزئك " وضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده الأرض إلى التراب، ثم قال: "هكذا"، فنفخ فيها . ومسح وجهه ويديه إلى المفصل، وليس فيه الذراعان .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12377إبراهيم بن طهمان، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15721حصين، عن
أبي مالك ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=56عمار بن ياسر ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له:
"إنما كان يكفيك أن تضرب بكفيك في التراب، ثم تنفخ فيهما، ثم تمسح بهما وجهك وكفيك إلى الرسغين " . خرجه
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني وقال: لم يروه عن
nindex.php?page=showalam&ids=15721حصين مرفوعا غير
nindex.php?page=showalam&ids=12377إبراهيم بن طهمان، ووقفه
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة وزائدة وغيرهما . يعني: أنهم رووه عن
nindex.php?page=showalam&ids=15721حصين، عن
أبي مالك ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=56عمار موقوفا . والموقوف أصح -: قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11970أبو حاتم الرازي . وأبو مالك ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني : في سماعه من
nindex.php?page=showalam&ids=56عمار نظر، فإن
سلمة بن [ ص: 408 ] كهيل رواه عن
أبي مالك ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=396ابن أبزى ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=56عمار .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11970أبو حاتم : يحتمل أنه سمع منه .
وأبو مالك ، هو: الغفاري، سئل
nindex.php?page=showalam&ids=12013أبو زرعة : ما اسمه؟ فقال: لا يسمى .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : اسمه
حبيب بن صهبان .
وفيما قاله نظر; فإن
حبيب بن صهبان هو: أبو مالك الكاهلي الأسدي .
وأما
الغفاري فاسمه:
غزوان -: قاله
nindex.php?page=showalam&ids=17336ابن معين . وقد فرق بينهما
nindex.php?page=showalam&ids=11970ابن أبي حاتم ، ووقع في بعض نسخ
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، غير أن
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري متوقف غير جازم بأن
حبيب بن صهبان يكنى:
أبا حاتم، ولا أن
أبا مالك الغفاري اسمه:
غزوان . وروي حديث
nindex.php?page=showalam&ids=56عمار على وجه آخر: فروى
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16024سلمة بن كهيل ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=396عبد الرحمن بن أبزى ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=56عمار ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له:
"إنما كان يكفيك هكذا" ثم ضرب بيديه الأرض، ثم ضرب إحداهما على الأخرى، ثم مسح وجهه، والذراعين إلى نصف الساعدين، ولم يبلغ المرفقين، ضربة واحدة . خرجه
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود . وخرجه - أيضا - من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16024سلمة بن كهيل ، عن
أبي مالك ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=396عبد الرحمن بن أبزى ، قال: كنت عند
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=56عمار : قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:
nindex.php?page=hadith&LINKID=698452 "إنما كان يكفيك أن تقول هكذا" وضرب بيديه إلى الأرض، ثم نفخهما، ثم مسح بهما وجهه ويديه إلى نصف الذراع . [ ص: 409 ] وخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان ، عن
سلمة، عن
أبي مالك - وعن
عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=396عبد الرحمن بن أبزى ، قال: كنا عند
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر - فذكر الحديث، وفيه: ثم مسح وجهه وبعض ذراعيه . وقد رواه عن
nindex.php?page=showalam&ids=16024سلمة بن كهيل :
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004وسفيان ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش ، واختلف عنهم في إسناده . وقد تقدم: أن في رواية
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة أن
سلمة شك: هل ذكر فيه الذراعين، أو الكفين خاصة، وهذا يدل على أن ذكر الذراعين أو بعضهما لم يحفظه
سلمة، إنما شك فيه، لكنه حفظ الكفين وتيقنهما، كما حفظه غيره . وعلى تقدير أن يكون ذكر بعض الذراعين محفوظا فقد يحمل على الاحتياط لدخول الكوعين، أو يكون من باب المبالغة وإطالة التحجيل، كما فعله
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة في الوضوء، وقد صرح الشافعية باستحبابه في التيمم - أيضا .
وقد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة ، قال: حدثني محدث عن
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=396عبد الرحمن بن أبزى ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=56عمار بن ياسر ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=650159 "إلى المرفقين " . خرجه
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود . وهذا الإسناد مجهول لا يثبت .
والصحيح: عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة ، عن
عزرة، عن
سعيد بن عبد الرحمن ، عن أبيه .
nindex.php?page=hadith&LINKID=662504عن nindex.php?page=showalam&ids=56عمار ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره بالتيمم للوجه والكفين . [ ص: 410 ] خرجه
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي وصححه . وخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود ، ولفظه:
nindex.php?page=hadith&LINKID=672199أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره في التيمم: ضربة واحدة للوجه والكفين . وقد روي
nindex.php?page=hadith&LINKID=672195عن nindex.php?page=showalam&ids=56عمار ، أنهم تيمموا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المناكب والآباط: من رواية
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16523عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=56عمار ، قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=666573نزلت رخصة التطهر بالصعيد الطيب، فقام المسلمون مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فضربوا بأيديهم الأرض، ثم رفعوا أيديهم ولم يقبضوا من التراب شيئا، فمسحوا بها وجوههم وأيديهم إلى المناكب، ومن بطون أيديهم إلى الآباط . خرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي . وقد اختلف في إسناده على
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري : فقيل: عنه، كما ذكرنا . وقيل: عنه، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16523عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن أبيه، عن
nindex.php?page=showalam&ids=56عمار . كذا رواه عنه:
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=16008وابن عيينة، وصحح قولهما
nindex.php?page=showalam&ids=12013أبو زرعة وأبو حازم الرازيان . وقيل: عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، عن
عبيد الله بن عبد الله ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=56عمار - مرسلا . وهذا حديث منكر جدا، لم يزل العلماء ينكرونه، وقد أنكره
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري راويه، وقال: هو لا يعتبر به الناس -: ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود [ ص: 411 ] وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، أنه امتنع أن يحدث به، وقال: لم أسمعه إلا من
عبيد الله ، وروي عنه، أنه قال: لا أدري ما هو؟! . وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=17134مكحول ، أنه كان يغضب إذا حدث
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري بهذا الحديث . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة ، أنه امتنع أن يحدث به، وقال: ليس العمل عليه . وسئل
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد عنه، فقال: ليس بشيء - وقال - أيضا -: اختلفوا في إسناده، وكان
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري يهابه، وقال: ما أرى العمل عليه . وعلى تقدير صحته، ففي الجواب عنه وجهان:
أحدهما: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يعلم أصحابه التيمم على هذه الصفة، وإنما فعلوه عند نزول الآية، لظنهم أن اليد المطلقة تشمل الكفين والذراعين والمنكبين والعضدين، ففعلوا ذلك احتياطا كما تمعك
nindex.php?page=showalam&ids=56عمار بالأرض للجنابة، وظن أن تيمم الجنب يعم البدن كله كالغسل، ثم بين النبي - صلى الله عليه وسلم - التيمم بفعله . وقوله:
nindex.php?page=hadith&LINKID=98896 "التيمم للوجه والكفين " فرجع الصحابة كلهم إلى بيانه - صلى الله عليه وسلم -، ومنهم
nindex.php?page=showalam&ids=56عمار راوي الحديث، فإنه أفتى أن التيمم ضربة للوجه والكفين، كما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=15721حصين، عن
أبي مالك ، عنه، كما سبق .
وهذا الجواب ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن راهويه وغيره من الأئمة .
والثاني: ما قاله
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وأنه إن كان ذلك بأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فهو منسوخ، لأن
nindex.php?page=showalam&ids=56عمارا أخبر أن هذا أول تيمم كان حين نزلت آية التيمم، فكل تيمم كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - بعده مخالف له، فهو له ناسخ . وكذا ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=13665أبو بكر الأثرم وغيره من العلماء . وقد حكى غير واحد من العلماء عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، أنه كان يذهب إلى هذا
[ ص: 412 ] الحديث الذي رواه .
وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16505عبد الوهاب بن عطاء ، عن
سعيد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة ، أن
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري قال: التيمم إلى الآباط، قال
سعيد : ولا يعجبنا هذا . .
قلت: قد سبق عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري أنه أنكر هذا القول، وأخبر أن الناس لا يعتبرون به، فالظاهر أنه رجع عنه لما علم إجماع العلماء على مخالفته . والله أعلم .
وذهب كثير من العلماء إلى أنه ينتهي المسح لليدين بالتراب إلى المرفقين . هذا مروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر - وروي - أيضا - عن
nindex.php?page=showalam&ids=15959سالم بن عبد الله ،
nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي ،
nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004وسفيان ،
nindex.php?page=showalam&ids=16418وابن المبارك .
nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث ،
nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة وأصحابه . واستدل بعضهم: بالأحاديث المرفوعة المروية في ذلك، ولا يثبت منها شيء، كما سبق الإشارة إلى ذلك . واستدلوا - أيضا -: بأن الله تعالى أمر بغسل اليدين في الوضوء إلى المرفقين، ثم ذكر في التيمم مسح الوجه واليدين، فينصرف إطلاقهما في التيمم إلى تقييدهما في الوضوء، لا سيما وذلك في آية واحدة . فهو أولى من حمل المطلق علي المقيد في آيتين . وأجاب من خالفهم: بأن المطلق إنما يحمل على المقيد في قضية واحدة . والوضوء والتيمم طهارتان مختلفتان، فلا يصح حمل مطلق أحدهما على مقيد الآخر . ويدل على ذلك: أن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - عند نزول آية التيمم لم يفهموا
[ ص: 413 ] حمل المطلق على المقيد فيها، بل تيمموا إلى المناكب والآباط، وهم أعلم الناس بلغة
العرب، ثم بين النبي - صلى الله عليه وسلم - أن التيمم للوجه والكفين، وهو - أيضا - ينافي حمل المطلق على المقيد فيها .
وذهب آخرون: إلى أن التيمم يمسح فيه الكفان خاصة . وقد حكى
nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر لأهل هذه المقالة قولين: أحدهما: يمسح الكفين إلى الرسغين، وحكاه عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي، والثاني: يمسح الكفين مطلقا، قال: هو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=17134ومكحول ،
nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي ،
nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد ،
nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق .
قال: وبهذا نقول للثابت عن نبي الله - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=98896 "التيمم ضربة للوجه والكفين " . قلت: هذا يوهم أن من قال بمسح الوجه والكفين، أنه لا ينتهي مسحهما إلى الكوعين، وهذا كما حكاه
nindex.php?page=showalam&ids=13365ابن عطية عن
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي ، كما سبق عنه، وليس هذا قول الأئمة المشهورين . وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=15855داود بن الحصين، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، أنه سئل عن التيمم، فقال: إن الله قال في كتابه حين ذكر الوضوء:
فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وقال في التيمم:
فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه وقال:
والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما فكانت السنة في القطع الكفين، إنما هو: الوجه والكفين - يعني: التيمم . خرجه
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي ، وقال: حسن صحيح غريب . وروى
الحكم بن أبان، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة هذا المعنى - أيضا .
[ ص: 414 ] وكذلك استدل بهذا الدليل
nindex.php?page=showalam&ids=17134مكحول nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وغيرهما من الأئمة، وقالوا: إن القطع يكون من الرسغ، فكذلك التيمم .
والرسغ: هو مفصل الكف، وله طرفان هما عظمان، فالذي يلي الإبهام كوع، والذي يلي الخنصر كرسوع . ومضمون هذا الاستدلال: أن اليد إذا أطلقت انصرفت إلى الرسغ، وإن قيدت بموضع تقيدت به، فلما قيدت بالمرفقين في الوضوء وجب غسل الذراعين إلى المرفقين، ولما أطلقت في التيمم وجب إيصال التراب إلى الرسغ، كما تقطع يد السارق ويد المحارب منه .
وكذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي : التيمم ضربة للوجه والكفين إلى الكوعين . وكذلك نص إسحاق على أن التيمم يبلغ إلى الرسغ، وخطأ من قال: لا يجزئ ذلك . وقال: الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - المعروف المشهور الذي يرويه الثقة عن الثقة بالأخبار الصحيحة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - علم
nindex.php?page=showalam&ids=56عمار بن ياسر التيمم للوجه والكفين، قال: وعلى ذلك كان
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب ،
وعبد الله بن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي ،
nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=17134ومكحول وغيرهم، فلا يجوز لأحد أن يدعي على هؤلاء أنهم لم يعرفوا التيمم . قال: ولو قالوا: الذراعين أحب إلينا اختيارا لكان أشبه . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=15703حرب بإسناده، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15908زائدة، عن
حصين بن عبد الرحمن ، عن
أبي مالك ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=56عمار ، أنه غمس باطن كفيه بالتراب، ثم نفخ يده، ثم مسح وجهه ويديه إلى المفصل . وبإسناده: عن
nindex.php?page=showalam&ids=16374عبد العزيز بن أبي رواد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، قال:
[ ص: 415 ] التيمم ضربتان: ضربة للوجه، وضربة للكفين . قال: وثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل : ثنا
سليمان بن حيان: أنبأ
حجاج، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء والحكم، عن
إبراهيم، قال: التيمم ضربتان للكفين والوجه . قال: وثنا
محمود بن خالد : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد بن مسلم ، عن
حامد وسعيد بن بشير، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ، قال: التيمم ضربة واحدة للوجه والكفين . قال
الوليد: وأنبأ
nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء ، أنه كان يقول في التيمم: مسحة واحدة للوجه، ثم ضربة أخرى لكفيه، وبه يأخذ
nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=15703حرب بإسناده عن
nindex.php?page=showalam&ids=12428إسماعيل بن أبي خالد ، قال: سألت
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي عن التيمم; فضرب بيديه الأرض، ثم قرن إحداهما بالأخرى، ثم مسح وجهه وكفيه .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=15703حرب: سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=12251أبا عبد الله أحمد بن حنبل ، يقول: والتيمم ضربة واحدة للوجه والكفين، يبدأ بوجهه، ثم يمسح كفيه إحداهما بالأخرى، قيل له: صح حديث
nindex.php?page=showalam&ids=56عمار ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، قال: نعم، قد صح . والقول بأن الواجب في التيمم مسح الكفين فقط: رواية عن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، وقول قديم
nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي ، قال في القديم - فيما حكاه
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في "كتاب المعرفة" -: قد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الوجه والكفين، ولو أعلمه ثابتا لم أعده، قال: فإنه ثبت عن
nindex.php?page=showalam&ids=56عمار ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الوجه والكفين ، ولم يثبت إلى المرفقين، فما يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أولى، وبهذا كان يفتي
سعيد بن سالم ، انتهى .
ومن العلماء من قال: الواجب مسح اليدين إلى الكوعين، ويستحب
[ ص: 416 ] مسحهما إلى المرفقين، ولعله مراد كثير من السلف - أيضا - فإن منهم من روي عنه: إلى الكوعين، وروي عنه: إلى المرفقين،
كالشعبي وغيره، فدل على أن الكل عندهم جائز . وهو - أيضا - رواية عن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، وقول
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ،
nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق، وطائفة من أصحابنا، وحكوه رواية عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، والمنصوص عنه يدل على أن ذلك جائز . لا أنه أفضل . وسيأتي ذكر الضربة الواحدة، والضربتين فيما بعد - إن شاء الله تعالى . فإن
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أفرد لذلك بابا .
* * *
وقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر الجنب إذا لم يجد الماء بأن يتيمم ويصلي، في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن حصين المتقدم، وحديث
nindex.php?page=showalam&ids=56عمار ، وروي - أيضا - من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر وغيره .
وشبهة المانعين: أن الله تعالى قال:
ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا وقال:
وإن كنتم جنبا فاطهروا - يعني به: الغسل - ثم ذكر التيمم عند فقد الماء بعد ذكره الأحداث الناقضة للوضوء، فدل على أنه إنما رخص في التيمم عند عدم الماء لمن وجدت منه هذه الأحداث، وبقي الجنب مأمورا بالغسل بكل حال .
وهذا مردود; لوجهين:
أحدهما: أن آية الوضوء افتتحت بذكر الوضوء، ثم بغسل الجنابة، ثم أمر
[ ص: 417 ] بعد ذلك بالتيمم عند عدم الماء، فعاد إلى الحدثين معا . وإن قيل: إنه يعود إلى أحدهما، فعوده إلى غسل الجنابة أولى، لأنه أقربهما، فأما عوده إلى أبعدهم وهو - وضوء الصلاة - فممتنع .
وأما آية سورة النساء، فليس بها سوى ذكر الجنابة، وليس للوضوء فيها ذكر، فكيف يعود التيمم إلى غير مذكور فيها، ولا يعود إلى المذكور .
والثاني: أن كلتا الآيتين: أمر الله بالتيمم من جاء من الغائط، ولمس النساء أو لم يجد الماء، ولمس النساء إما أن يراد به الجماع خاصة، كما قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وغيره، أو أنه يدخل فيه الجماع وما دونه من الملامسة لشهوة كما يقوله غيره، فأما أن يخص به ما دون الجماع ففيه بعد .
ولما أورد
nindex.php?page=showalam&ids=110أبو موسى على
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود الآية تحير ولم يدر ما يقول، وهذا يدل على أنه رأى أن الآية يدخل فيها الجنب كما قاله
nindex.php?page=showalam&ids=110أبو موسى . وفي أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - الجنب العادم للماء أن يتيمم ويصلي دليل على أنه - صلى الله عليه وسلم - فهم دخول الجنب في الآية، وليس بعد هذا شيء . ورد
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود تيمم الجنب، لأنه ذريعة إلى التيمم عند البرد; لم يوافق عليه، لأن النصوص لا ترد بسد الذرائع، وأيضا، فيقال: إن كان البرد يخشى معه التلف أو الضرر فإنه يجوز التيمم معه كما سبق . وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة ، أن مخارقا حدثهم، عن
طارق، nindex.php?page=hadith&LINKID=666583أن رجلا أجنب فلم يصل، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له، فقال له: "أصبت "، وأجنب رجل آخر فتيمم وصلى، فأتاه - صلى الله عليه وسلم -، فقال له نحوا مما قال للآخر - يعني: "أصبت " . [ ص: 418 ]
خرجه
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي وهو مرسل .
وقد يحمل هذا على أن الأول سأله قبل نزول آية التيمم، والآخر سأله بعد نزولها .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=14724أبو داود الطيالسي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة ، عن
الحكم، عن
ذر، عن
nindex.php?page=showalam&ids=396ابن أبزى ، عن أبيه
أن nindex.php?page=showalam&ids=56عمارا قال nindex.php?page=showalam&ids=2لعمر : أما تذكر يا أمير المؤمنين أني كنت أنا وأنت في سرية فأجنبنا ولم نجد الماء، فأما أنت فلم تصل، وأما أنا فتمعكت بالتراب وصليت، فلما قدمنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكرنا ذلك له، فقال: "أما أنت فلم يكن ينبغي لك أن تدع الصلاة، وأما أنت يا nindex.php?page=showalam&ids=56عمار فلم يكن لك أن تتمعك كما تتمعك الدابة، إنما كان يجزيك " - وضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده إلى الأرض إلى التراب، ثم قال: "هكذا"، ونفخ فيها ومسح وجهه ويديه إلى المفصل . وليس فيه الذراعان