وقد ذكر الله تعالى الضالين ممن ذرأ من الجن والإنس، وأنهم كثيرون وليسوا قليلا، ذكر المهتدين، فقال تعالى:
وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون .
ليس الناس جميعا أشرارا، بل إنه من رحمة الله تعالى بعباده أن كان الوجود لا يخلو من الأخيار الذين يقاومون أهل الشر، ويدفعون شرهم
ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين
وقد ذكر الله تعالى في هذه الآية أخيار الناس فقال تعالى:
وممن خلقنا أمة يهدون بالحق أي: من الذين خلقناهم من الجن والإنس من ذريتهم أمة طائفة مجتمعة على الهدى والخير يؤم كل واحد منها الجماعة، ويعينها ويقصدها بخير.
[ ص: 3016 ] يهدون بالحق أي اهتدوا ويهدون غيرهم بالحق، أي: هداية مصحوبة بالحق
وبه يعدلون أي بالحق وحده يعدلون في كل أمورهم، ففي حياتهم عدل بالحق، وفي شئونهم العامة والخاصة عدل بالحق، وفي كل ما يباشرون من أعمال يبتغون الحق ولا يريدون سواه، فحياتهم كلها عدل وحق.
وفي تقديم الجار والمجرور في قوله تعالى: (وبه يعدلون) قصر، أي: لا يعدلون بغيره، بل يزنون به الأعمال والأشياء والصلات كلها، فهو ميزان الوجود الإنساني، وبه قامت الإنسانية الفاضلة.