وأملي لهم إن كيدي متين .
في هذا النص السامي يبين سبحانه عاقبتهم، وهي العذاب الشديد الذي يستدرجون إليه فيقول:
وأملي لهم أي: أطيل عليهم الأمن، أي: أتركهم ملاوة من الزمن يستمتعون فيها، كما تستمتع الأنعام، وهم سادرون في طغيانهم
[ ص: 3018 ] وكفرهم، وكلما أمعنوا في لذاتهم وشهواتهم وما مكنوا منه ازدادوا إثما، حتى إذا امتلئوا آثاما بما كسبت أيديهم أخذوا أخذ عزيز مقتدر، وما أفلتوا من عقاب شديد، ولذا قال تعالى مبينا ما بيته لهم:
إن كيدي متين هو التدبير للأشرار معاملة لهم بمثل تدبيرهم وشرهم وإيذائهم لأهل الإيمان
متين أي: غليظ شديد مأخوذ من متن الجسم وهو الجانب القوي في عظامه.
وإنه قد قالوا: إن هذه الآية نزلت في كبراء قريش الذين كانوا يؤذون المؤمنين وخصوصا ضعفاءهم، فالله تعالى يبين لهم أنهم مأخوذون وسينتقم الله تعالى منهم، وقد أخذهم الله تعالى بذنوبهم في موقعة بدر، أخذ الذين بالغوا في إيذاء النبي - صلى الله عليه وسلم - أخذ عزيز مقتدر.
ونقول: إن عموم الآية يشمل هؤلاء وغيرهم ممن يظهرون مغترين، يقولون في غرورهم: نحن أكثر أموالا وأولادا، فالله تعالى يمهل ولا يهمل.