ثم أكد سبحانه معنى تأييد الحق، فذكر أنه
سنة الله في تأييد الإيمان وإبطال الشرك وهو الباطل: فقال عز من قائل:
[ ص: 3074 ] ليحق الحق ويبطل الباطل .
(اللام) هنا لام العاقبة، وهي تدل على الباعث على القتال، و ( الحق ) هنا هو الدين الثابت، و ( الباطل ) هو الشرك المفترى، والمعنى: لتكون عاقبة القتال الذي هو الحق المؤيد للحق الذي أراده الله، وهو ذات الشوكة، أن يثبت الحق ثبوتا دائما مستمرا ما دام أهل الإيمان مستمسكين، ويبطل الشرك وهو الباطل مستمرا (ولو كره المجرمون ) ولو كان ذلك رغم المجرمين الذين يجرمون في الأرض فيفسدون فيها ولا يصلحون، ونجد هنا أن المجرمين مكرهون على قبول بما يقع، ولو كان وبالا.
وعبر هنا بالمجرمين وفي الآية السابقة بقطع دابر الكافرين؛ وذلك لتنوع عنادهم وتعدد صوره، فهم كافرون لجحودهم مع قيام البينات، وهم مجرمون مفسدون لفتنتهم المؤمنين، فإذا كان الكفر تعديا على أنفسهم وهم به كافرون، فالفتنة تعد على غيرهم وهم بها مجرمون.
والحق الذي أحقه الله وثبته هو الجهاد وطلب ذات الشوكة، ولذا اقترن بها قطع دابر الكافرين، والحق الثاني هو الدين الحق وتثبيته وإبطال الباطل، وهو منع الفتنة، كما قال تعالى:
وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله