سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم فأعرضوا عنهم إنهم رجس ومأواهم جهنم جزاء بما كانوا يكسبون
(السين) لتحقق الفعل في المستقبل، و:
انقلبتم معناها رجعتم، وعبر عن الرجوع بالانقلاب; لأن المجاهد سائر في طريقه إلى الأمام فإذا أراد العودة انقلب من السير إلى الأمام إلى العودة إلى الوراء، والتعبير بالانقلاب يفيد العودة مختارا غير مقهور ولا مهزوم ولا متراجع.
وحلفهم ليس للاعتذار، بل هو لطلب السكوت عنهم، ولذا قال تعالى:
لتعرضوا عنهم أي: تسكتوا عنهم فلا تلوموهم ولا تعيروهم ولا تذكروهم بما رضوا به من قبل من القعود مع الخوالف، وقولهم ذرنا نكن مع القاعدين. طلبوا أن يسكتوا عنهم فأمر الله تعالى المؤمنين بأن يستجيبوا لهم لا إرضاء لنفوسهم، ولكن لأنه لا جدوى في لومهم، ولأن الله تعالى يريد أن يسكتوا عنهم حتى لا يكثر قول النفاق منهم، ولذا قال:
فأعرضوا عنهم إنهم رجس فأعرضوا عنهم، فلا تلوموهم، ولا توبخوهم لأنهم رجس، أي: أنجاس قذرهم لا يطهره لوم ولا عتاب، كالشيء الذي يكون نجس العين مثل الخنزير، لا يطهره الماء، بل الماء ينجس به، وكثرة القول معهم في أنجاسهم يشيع قول السوء في الذين آمنوا.
[ ص: 3419 ]
وأنهم وراءهم العذاب الأليم، فقال تعالى:
ومأواهم جهنم جزاء بما كانوا يكسبون أي: مستقرهم الذي يستقرون فيه ويأوون إليه جهنم جزاء بما كسبوه في الدنيا من آثام في أقوالهم وبثهم الشر والفساد بين المؤمنين وسعيهم وتثبيطهم لهمم المؤمنين.
وقلنا: إن التعبير فيه نوع من التهكم عليهم; لأن المأوى مكان الاطمئنان والراحة، وإن المنافقين يرتعدون من الإعراض عنهم ويسعون إلى طلب رضى النبي والمؤمنين، فيحلفون لهم بما يقرب قلوبهم، ولذا قال تعالى: