سورة مكية، عدد آياتها 109، استثنى منها علماء القراءات أربع آيات قالوا إنها مدنية، هي الآيات 40 - 94 - 95 - 96.
ابتدئت بحروف مفردة للتنبيه على إعجاز القرآن، ووصف الكتاب بأنه الحكيم، وذكرت أن الناس كانوا في عجب أن يوحى إلى رجل منهم، فذهبوا إلى تكذيبه وقالوا بسبب كفرهم: إنه ساحر مبين، وكان عليهم ألا يعجبوا ويغتروا، لأن الوحي من عند الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يدبر الأمر، وأنه وحده له الملك، وأنه لا شفيع عنده إلا من بعد إذنه. ذلكم الله ربكم فاعبدوه أفلا تذكرون إليه مرجعكم جميعا وعد الله حقا
فأنتم سترجعون إليه فيحاسبكم، ولا عجب في رجوعكم فهو سبحانه يبدأ الخلق ثم يعيده
ويبين سبحانه وتعالى آياته في اختلاف الليل والنهار، ثم أشار إلى أولئك الذين ينكرون البعث ولا يرجون لقاء ربهم، ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها وغفلوا عن آيات الله سبحانه وتعالى، وبين أن مأواهم النار بما كسبوا من سيئ الأعمال، وفي مقابل [ ص: 3499 ] ذلك ذكر سبحانه الذين آمنوا بالله وآياته وعملوا الصالحات وجزاءهم من النعيم المقيم والسلام.
أخذ يبين سبحانه وتعالى عجز الأوثان أن تبدأ الخلق ثم تعيده، بل إنها تخلق، ثم إن أوثانهم لا تهدي ضالا وإن الله هو الهادي إلى الحق، وإن الذين يعبدون الأوثان لا إيمان لهم فهم لا يؤمنون بها.
إن الله مالك العزة يعز من يشاء، لأن له ملك السماوات والأرض، وأن الذين يعبدون الأوثان لا يستيقنون لها قدرة، وإن يتبعون إلا الظن: إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون
ثم يبين سبحانه كمال ملكه وتصريفه للكون وبطلان من اتخذ له ولدا وبطلان قول الذين يعبدون الأوثان وأن جميعهم لا يفلحون، لأنهم يفترون على الله الكذب.
فكذبه قومه وصدقه الضعفاء - كما كان لمحمد - صلى الله عليه وسلم - ثم نجاه الله ومن معه في الفلك المشحون.
وبعث الله - كما تدل الآيات رسلا من بعده فكذبوا ثم بعث موسى وأخاه هارون إلى فرعون، وأيده بآيات الله التي تثبت رسالته فاستكبروا وكانوا قوما [ ص: 3504 ] مجرمين، ثم جاء لهم موسى وأتاهم بتسع آيات بينات وكانت إحدى الحجج المنزلة من بينها عصا موسى.