فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون
(الفاء) للإفصاح عن شرط مقدر، تقديره إذا كنت قد غرقت وضعفت واستخذيت في آخر لحظة - اليوم ننجيك ببدنك، وذكر اليوم للإشارة إلى أنه ينجو ببدنه في ذلك اليوم، وأضاف الإنجاء إليه سبحانه وجعله واقعا على
فرعون باعتبار أنه صاحب البدن; ولذا قال تعالى:
ببدنك لتكون لمن خلفك آية أي: دلالة أولا على عظيم قدرة الله تعالى التي قهر بها طاغوت عصره، وثانيا للاعتبار لأن مآل الطغاة هو الفناء، وثالثا يبان أن الله تعالى القادر على بقاء الأبدان، هو قادر على إعادة الأموات، ورابعا بيان أن العدالة هي الخير الباقي وأن الظلم هو الشر الذي يذكر الطغاة بسببه بأنهم مفسدون.
[ ص: 3629 ]
ولقد بقي ببدنه وهو آية القدرة الإلهية، يتخذه المفسدون لنشر الفساد والاتجار به في العالم.
وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون غافلون عن آيات الله تعالى في الكون والناس ولولا أنهم غافلون لأقاموا العدل واعتبروا بفرعون ولأبعدوا الغرور عن أنفسهم وما استبدوا بمن يماثلونهم في الخلق والتكوين من الناس وقد يزيدون عليهم في المواهب التي أنعم الله بها على بعض عباده الأبرار، ولو لم يكونوا غافلين لآمنوا بقدرة الله تعالى على البعث والنشور.
وقد أكد الله غفلة الكثيرين من الناس بكلمة (إن) وبالجملة الاسمية وباللام في قوله تعالى:
لغافلون
هذا أمر
فرعون ونهايته، أما أمر بني إسرائيل فقد ذكره الله تعالى في قوله: