وقد بين سبحانه وتعالى بعد ذلك المقصد الأصلي من القرآن ألا وهو التوحيد وإثبات رسالة النبي - صلى الله عليه وسلم - لذا قال تعالى:
ألا تعبدوا إلا الله إنني لكم منه نذير وبشير
النفي والإثبات دليل على قصر العبادة على الله وحده لا يعبدون غيره من أوثان أو أشخاص أو أي كائن من مخلوقاته سبحانه وتعالى. أي: أن الله تعالى أحكم القرآن وفصل آياته تفصيلا، وأقام فيه الدلائل القاطعة على أنه الخالق لتعبدوه وحده ولا تشركوا به شيئا.
ثم يقول تعالى حاكيا عن قول نبيه - صلى الله عليه وسلم -:
إنني لكم منه نذير وبشير لمن عصى وأشرك أنذره بالسعير،
وبشير لمن آمن بالله تعالى وحده وكلل إيمانه بطاعة الله فيما أمر به من طاعات فيها خير الدنيا والآخرة، وفيما نهي عنه من معاص فيها فساد في الأرض وعذاب في الآخرة، والضمير في كلمة (منه) يعود على الله تعالى.
ويأتي ذكر النذير البشير - صلى الله عليه وسلم - بعد عبادة الله تعالى وحده، إيماء بأن القرآن الكريم قد أحكمت آياته وفصلت ليكون آية النبوة ومعجزة الرسالة المحمدية الخالدة إلى يوم الدين. فالقرآن الكريم هو البرهان لعبادة الله وحده، وهو معجزة النبي - صلى الله عليه وسلم -، تلك المعجزة الكبرى التي لا تدانيها في بقائها وثمراتها معجزة أخرى من معجزات النبيين قبله - صلى الله عليه وسلم -.