ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين
(لو) هنا حرف امتناع لامتناع، امتناع الجواب لامتناع الشرط، أي: لو شاء ربك الذي خلقك وذرأك وكونك على أحسن تقويم أن يجعل الناس أمة واحدة، جماعة واحدة متحدة في هدايتها وتقواها لجعلها كذلك، وما كان التنازع بين الخير والشر، والعدل والظلم، والفضيلة والرذيلة، والرزق والحرمان، والغنى والفقر إلا بإرادته; بين - سبحانه وتعالى - أن ذلك الاختلاف دائم مستمر، فقال تعالى:
ولا يزالون مختلفين فيما بينهم في نفوسهم، وفي آحادهم، وفي جماعاتهم، وفي أممهم.
وإن الاختلاف على ذلك ابتلاء واختبار، ليبلو الناس فيما بينهم، فمن أراد الخير انتزعه من وسط الشر انتزاعا فيكون به الثواب الجزيل، ومن أراد الشر سار فيه، وأعلام الخير واضحة معلمة، تدعوه إلى سلوكه، فإن ضل فعن بينة، والله من
[ ص: 3775 ] ورائه محيط، ويكون الجزاء لمن ضل عن سبيله جزاء وفاقا لما جنى على نفسه وعلى الحق.