صفحة جزء
اللقاء على المودة والعفو

أعلن يوسف الصديق نفسه لإخوته فقال لهم: هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون قالوا أإنك لأنت يوسف قال أنا يوسف وهذا أخي قد من الله علينا إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين قالوا تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين

قال كلمة العفو الودود: لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرا ذهبوا إلى الشيخ الذي ابيضت عيناه من الحزن، فأحس بريح يوسف، وقالوا: إنه أحس من بعد ثمانين ميلا، ولا غرابة في ذلك فهو أبو الأنبياء ولما فصلت العير قال أبوهم إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون قالوا [ ص: 3792 ] تالله إنك لفي ضلالك القديم فلما أن جاء البشير ألقاه على وجهه فارتد بصيرا قال ألم أقل لكم إني أعلم من الله ما لا تعلمون قالوا يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين قال سوف أستغفر لكم ربي إنه هو الغفور الرحيم

وبهذا تنتهي قصة يوسف الصديق الحبيب; أخذ من بين أهله، وألقي في الجب، وانتهى ملكا مصلحا، ونبيا مبشرا ونذيرا، وكان له أثر في مصر، ذكر بعده بقرون عندما بعث موسى، فقد قال تعالى على لسان مؤمن آل فرعون: ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم به

التقى الأحباب ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا أي: خضعوا لحكمه كما تخضع الرعية لراعيها العادل، لا أنهم سجدوا له كما كان يسجد للفراعنة، فمعاذ الله أن يكون نبي الله يعقوب ساجدا لغير الله، ومعاذ الله أن يقبل ذلك يوسف نبي الله من أبيه.

أخذ يذكر يوسف أباه برؤياه الأولى، ويذكر له كيف أخرج من السجن بعد أن نزغ الشيطان بينه وبين إخوته ولم يبق إلا أن يحمد الله على ما أوتي من نعمة، ويقول: رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية