هل آمنكم عليه!!
قال الله تعالى:
فلما رجعوا إلى أبيهم قالوا يا أبانا منع منا الكيل فأرسل معنا أخانا نكتل وإنا له لحافظون قال هل آمنكم عليه إلا كما أمنتكم على أخيه من قبل فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين ولما فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم ردت إليهم قالوا يا أبانا ما نبغي هذه بضاعتنا ردت إلينا ونمير أهلنا ونحفظ أخانا ونـزداد كيل بعير ذلك كيل يسير قال لن أرسله معكم حتى تؤتون موثقا من الله لتأتنني به إلا أن يحاط بكم فلما آتوه موثقهم قال الله على ما نقول وكيل وقال يا بني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة وما أغني عنكم من الله من شيء إن الحكم إلا لله عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون
* * *
أرادوا أخذ
يوسف من أبيه ليكيدوا له، وكادوا ما كادوا، وهذه المرة، أخذوا أخيه لا ليكيدوا له، ولكن ليميروا لأهلهم، تشابه الوقف في الظاهر، واختلف الباطن، ويشترك القصص القرآني الصادق في مجراه.
[ ص: 3839 ] فلما رجعوا إلى أبيهم قالوا يا أبانا منع منا الكيل الكيل المراد به الكيل، فهو مجاز لتلاقي الاشتقاق، وذلك لإحضار أخينا
فأرسل معنا أخانا أو نقول: إن الكيل على حقيقته، أي: منع أن يكال لنا، و:
نكتل معناها يكال لنا، ونكتل مجزومة في جواب الأمر،
وإنا له لحافظون وعدوا وأكدوا الوعد بـ (إن) واللام، كوعدهم عند أخذهم
ليوسف، ولكنهم كانوا كاذبين، وهنا كانوا صادقين، فتشابهت ألفاظ الوعد، واختلفت الحقائق فيها، وإن الأحكام على الأقوال تؤخذ من الظاهر، ويقاس فيه الحاضر بالماضي، وقد كان ماضيهم في
يوسف يجعله يخاف من حاضرهم.