ثم بين سبحانه وتعالى أن
آيات الله الدالة على وحدانيته كثيرة، فقال تعالى:
وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون وكأين بمعنى كم الدالة على كثرة العدد، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه أن (كأين) هي ( أي ) بالتنوين، ودخلت كاف التشبيه وبنيت معها، فصارت في الكلام في معنى (كم)، ولا يهمنا أصلها النحوي، إنما يهمنا أنها للكثرة في العدد، والآية هي الأمر الدال على قدرة الله تعالى في الكون في السماء والأرض، وعلى قدرته على العصاة، وأماكن هلاكهم بما عثوا وأفسدوا، ورسومهم دالة على هلاكهم، وأن الله بدل بهم غيرهم، ولم يضروه شيئا.
وأنهم ليمرون على هذه الآيات، وهم عنها معرضون غير ملتفتين إلى ما فيها من عبر، فالكون كتاب فيه الدلائل على الوحدانية، والأرض كذلك، وفيها عبر من آثار العصاة.
[ ص: 3869 ]
وقال
ابن كثير في هذا: " عبر تعالى عن غفلة الناس عن التفكر في آيات الله، ودلائل التوحيد بما خلقه في السماوات والأرض من كواكب زاهرات ثوابت، وسيارات وأفلاك دائرات، والجميع مسخرات، وكم في الأرض من قطع متجاورات وحدائق وجنات، وجبال راسيات، وبحار زاخرات، وأمواج متلاطمات، وقفار شاسعات، وكم من أحياء وأموات، وحيوان ونبات، وثمرات متشابهة ومختلفات في الطعوم والروائح والألوان والصفات، فسبحان الواحد الأحد خالق أنواع المخلوقات، المتفرد بالبقاء والصمدية للأسماء والصفات " .
نقلنا هذه الكلمة مع طولها وسجعها المتكلف، لعموم ما تشير إليه من آيات الله تعالى في السماء والأرض.
وإن
العرب كان فيهم إيمان بالله، كانوا يؤمنون بأنه الخالق لمن في السماوات والأرض، وأنه هو المغيث، وأنه ليس كمثله شيء في ذاته وصفاته، ولكنهم مع هذا الإيمان بخلق الله تعالى يشركون معه الأوثان في العبادة، ولذا قال تعالى: