عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار
بعد أن ذكر سبحانه وتعالى علمه بما تحمله كل أنثى، وهو من الغيب الذي لا يظهر في حسنا والذي لا يعلم إلا بعد ظهوره لنا، ذكر سبحانه أنه المحيط علمه
[ ص: 3907 ] للحاضر والغائب، وما يسر به الإنسان وما يجهر، وما يستخفي ويظهر، فقال تعالت كلماته:
عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال
هو تأكيد ما تضمنته الآية السابقة من علمه بما في الأرحام منذ وجودها فيها ومكنونها، وأدوارها، وقابلها، وكان التأكيد بذكر عموم علمه للغائب والحاضر، والغيب مصدر غاب، وأطلق على ما يغيب حتى اشتهر، فيه مبالغة في غيبه عن الرؤية والحس، والشهادة من شهد بمعنى حضر، ثم أطلقت على ما هو حاضر محسوس، مبالغة في حضوره والحس به، والمعنى: عالم بما يغيب عن الحس، وما هو محسوس حاضر، وقال (عالم) ولم يقل يعلم، للإشارة إلى أسمائه وأنه صفة ملازمة له سبحانه وتعالى، وذكر الغيب والشهادة لإثبات أن علمه واحد بالشاهد والمغيب على سواء; لأنه علم محيط، لا يفترق فيه شيء عن شيء.
ووصف ذاته العلية بأنه فوق البشر وفوق كل ما هو من شأن البشر، فقال:
الكبير المتعال الكبير أي: العظيم في قدرته وإرادته، وكمال سلطانه وتدبيره وخلقه لكل هذا الوجود بسمائه وأجرامه وكواكبه وسياراته وأرضه، وكل ما هو مسخر في هذا الوجود
المتعال أي: المتسامي في صفاته، وفي كل ما هو من شأنه فلا يشبه شيئا من خلقه، ولا يشبهه شيء من خلقه، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، تعالى الله سبحانه عن مشابهته للمواد علوا كبيرا وهو الواحد الأحد الفرد الصمد.