وإن ما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب .
إن الشرطية مدغمة في (ما) الدالة على توكيد التعليق، وليست زائدة، كما يعبر بعض النحويين، فليس في القرآن زائد، وإنما الزائد في إعرابهم، وفعل الشرط هو نرينك، أو نتوفينك، والمعنى إما أن نريك بعض الذي نعدهم من أهوال
[ ص: 3969 ] تنزل بهم في حياتك، أو نتوفينك قبل أن ينزل بهم ما نعدهم به، كيفما كانت الحال، فإنه نازل بهم جزاؤهم في الدنيا ما استقام أهل الإيمان على الطريقة، فإن حادوا عنها، حيد لهم.
وقد تأكد الشرط بما الدالة على التوكيد، وبنون التوكيد الثقيلة التي تلازم " ما " غالبا، وتوكيد الشرط توكيد للتعليق كله، أي أن الارتباط بين الشرط والجواب مؤكد، فإنه إذا لم تر بعض ما وعدهم الله به من عقاب بوفاتك قبله، أو تراه فإنه نازل بهم، وقد أديت ما وجب عليك من تبليغ وبقي أن ينفذ وعيد الله تعالى فيهم، ونعدهم أي الإنذار الذي أنذرهم الله تعالى به، فوعد بمعنى أوعد.
وأحسب أن القرآن عبر عن الإيعاد بالوعد في جملة ما جاء به من إنذار.
وقوله تعالى:
فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب ليس هو جواب الشرط، وإنما يدل عليه والجواب - مثلا - أنزلنا بهم ما وعدنا، وأريناك مصارعهم، وما عليك أي تبعة من أمورهم
فإنما عليك البلاغ إنما للقصر، أي ليس عليك إلا البلاغ، وقد بلغت، وعلينا الحساب، العقاب، وعبر عن العقاب بالحساب، لأنه جزاء لما فعلوا ويفعلون، وهو ذاته حساب لهم على ما آذوا المؤمنين وهم مستمرون في غلوائهم، وذلك كقوله تعالى:
فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمصيطر إلا من تولى وكفر فيعذبه الله العذاب الأكبر إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم