وكان من وحي الله تعالى أنه بعد هلاك الظالمين يسكن الله الرسل ومن معهم مكانهم
ولنسكننكم الأرض من بعدهم .
والأرض هي أرض الدعوة التي هدد المشركون أن يخرجوهم منها، ولكن أخذهم الله أخذ عزيز مقتدر قبل أن يتمكنوا، ولذلك قال الله تعالى
وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها [ ص: 4007 ] وكما قال تعالى:
وأورثكم أرضهم وديارهم
وإن ذلك نصر الله تعالى فقد قال عز من قائل:
ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون وقال تعالى:
والعاقبة للمتقين وقال تعالى:
ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد (مقامي) مصدر ميمي، المقام بمعنى قيام، ومعنى قيام الله ومعنى الخوف من مقام الله تعالى، أو قيامه على تدبير شئونه - رقابة كل أمور الإنسان بأنه لا يعمل عملا إلا والله تعالى يحاسبه عليه صغيرا أو كبيرا فيعبد الله كأنه يرى الله، فإن لم يكن يراه فإن الله تعالى يراه، وإن هذه مرئية الإحسان في الشعور بالله تعالى، كما ورد عن الرسول صلوات الله تعالى وسلامه عليه،
وخاف وعيد أي خاف وعيد الله بالعذاب الشديد فهو يغلب الخوف على الرجاء؛ لأنه يستصغر حسناته ويستكثر سيئاته، وإنه ورد في الأثر: " من آذى جاره ورثه الله داره ".