[ ص: 4053 ] ومع هذه العبر والأمثال استمروا في غيهم؛ ولذا قال تعالى:
وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال .
الكلام في أخبار الذين سكنوا في مساكنهم، وقد تبين كيف فعل الله بهم، وقد بين في هذه الآية أنهم كانوا يدبرون التدبيرات الخبيثة للكيد للحق وأهله والتوحيد ومعتنقيه، أي دبروا كل ما يحاربون به عقيدة التوحيد، فاعتقدوا الباطل وناصروا الشرك وحاربوا المؤمنين بكل أنواع الحرب من فتنة في الدين. . وإيذاء للمؤمنين وسخرية بهم
وعند الله مكرهم أي وعند الله تعالى علم مكرهم، وأنه محيط بما كانوا يمكرونه
وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال
الجبال هنا المراد بها شرائع الله تعالى التي جاء بها النبيون، فشبهت بالجبال لثباتها وشموخها وعلوها ورفعتها، و (إن) هنا إما أن نقول: إنها مخففة من (إن) الثقيلة، والمعنى أن الحال والشأن أن ذلك المكر كان مهيأ ومعدا لتزول به الشريعة، ولكن تدبير الله كان أحكم فنجت الشرائع التي بلغت في شموخها وعلوها وثباتها مبلغ الجبال.
وإما أن نقول: إنها نافية وتكون اللام لام الجحود، ويكون المعنى، وما كان مكرهم مهما يبلغ من القوة والتدبير والإحكام في زعمهم لتزول منه الشرائع المحكمة التي هي كالجبال في ثباتها وعظمتها، وإن
الله تعالى حافظ شرعه وأنبياءه والمؤمنين، ولو تضافر الشرك كله.