وفى الآية الكريمة التي نتكلم في معناها رد الله تعالى قولهم بقوله تعالت كلماته:
ما ننـزل الملائكة إلا بالحق وما كانوا إذا منظرين .
قوله تعالى:
ما ننـزل الملائكة إلا بالحق في هذا إشارة إلى إمكان إنزال الملائكة، وإنه ليس ثمة أمر يتعذر على الله خلقه، وقد نزل الملائكة إلى أرض قوم
لوط فجعلوا عاليها سافلها، وعبر بـ (ننزل) إشارة إلى أن نزولها لا يكون دفعة واحدة بل تتوالى النزول، وقتا بعد آخر.
وقوله تعالى:
إلا بالحق أي إلا بسبب باعث من الحق في ذاته بأن تكون حكمة في نزولهم، ومصلحة في خطابهم، فالله تعالى ما خلق شيئا عبثا، وما جعل الأمور سدى تنزل الملائكة حيث يبتغي المشركون ويريد الكافرون، وإن لم يكن جدوى من نزولهم، وإن حالهم حال إنكار، لا تحتاج إلى دليل، فإن نزلوا قالوا هؤلاء رجال لا ملائكة كما تلونا قوله تعالى:
ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون
وإنهم إن أنزلوا كما طلبوا لكانت القاضية عليهم، ولذا قال تعالى:
وما كانوا إذا منظرين أي ما كانوا مؤجلين إلى يوم القيامة إذا نزلوا، والله تعالى بحكمته العالية قدر للمشركين من
العرب أن يكون من ذريتهم ومن الجاحدين أنفسهم أمة مؤمنة تحمل عبء التبليغ بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأن شريعته - وهو خاتم النبيين - يجب أن تكون معجزته باقية ببقاء شريعته الخالدة، ورسالته الدائمة التي لا تنقطع، ولذا كانت معجزة القرآن آيا من نوع الذكر الدائم الذي يحمل دلائل إعجازه، ويتحدى الأجيال إلى يوم القيامة، فقال تعالى: