ولقد ذكر سبحانه وتعالى أن كل شيء عنده بمقدار، وأن كل شيء عنده خزائنه، فقال تعالى:
وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننـزله إلا بقدر معلوم .
[ ص: 4080 ]
(إن) هنا نافية، و (من) صلة لبيان عموم النفي، والمعنى ما من شيء إلا عندنا علمه، والمكان الذي يكون منه، ونحن الذين نظهره إن أردناه ولا ننزله إلا بقدر معلوم.
فالمراد كمال السلطان، وإحكام الخلق والتكوين، وبسط الرزق، وتقتيره، الله يبسط لمن شاء ويقدر، وقد يعطي العاصي إملاء له ليكون عقابه، وقد يمنع التقي اختبارا لصبره ورجاء ثوابه، وكل له ثواب وجزاء، فالعطاء بيد الله، والتعبير بقوله تعالى:
عندنا خزائنه مجاز عن علمه سبحانه وتعالى المحيط بكل شيء، وبأنه سبحانه وتعالى الموزع للأرزاق، وأنه المختبر للناس بعطائه ومنعه، فهو يختبر من يعطيه بالعطاء ليكفر النعمة أو يشكرها، ويختبر من يمنعه ليصبر أو يجزع، وكل بقدر معلوم، لا يكون عفوا من غير تقدير، بل بإحكام وتدبير.