وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون
التبشير معناه: الإخبار بالأمر السار، أي بالبشارة، وعبر الله تعالى عن ولادة البنت بالتبشير؛ لأنها بشرى بسلامة الأم ولأنها في ذاتها رزق من الله تعالى، ولأنها قلب يكون له فضل حنان وشفقة؛ لذا كان التعبير بـ (بشر) ، وقد كان يجب أن يسر لهذه المعاني الكريمة السامية، ولكنه بدل أن يستبشر بهذه النعمة التي أنعم الله تعالى بها وهذا الرزق الذي ساقه الله تعالى يكتئب ويحزن؛ ولذا قال تعالى في جواب الفعل الذي هو البشرى:
ظل وجهه مسودا وهو كظيم أي صار ودام وجهه مسودا، وذلك كناية عن الحزن والكمد والغيظ، فكان حال الوجه المكفهر تشبه بحال الوجه الأسود، للقتامة، فالبؤس يوجد سوادا في القلب.
وقال:
وهو كظيم أي وهو ممتلئ غيظا، وحزنا وغما، و
كظيم مأخوذ من الكظامة، وهو شد فم القربة، والمهموم الحزين ينطبق فاه فلا يتكلم كمدا، والمشابه حاله بحال الكظامة التي تشد بها القربة، ولكن القربة تسد على الماء وقد يكون فرحا، أما هذا فيشد فمه على أقراح الهم والغم والحزن.