[ ص: 4371 ] وإن بخل البخيل سببه حرصه على المال، وأنه يضيع إن ذهب، وإسراف المسرف سببه عدم احترامه لحق المال، فبين الله تعالى خطأ البخيل في تقديره، وخطأ المبذر في تبذيره، فقال تعالى:
إن ربك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه كان بعباده خبيرا بصيرا .
إن الله سبحانه وتعالى هو مانح من يرزقه، وهو مقدر الرزق، وإذا كان الأمر كذلك فلا محل للبخل؛ لأنه يعطي الرزق، فربما يعطي خلفا لما ينفق ولا محل للإسراف؛ لأن الإسراف ينافي شكر النعمة، ومعنى يبسط يوسع أي يجعله موسعا مبسوطا،
ويقدر أي يجعله محدودا ليس بكثير، وقد قال في شأن الإنفاق:
لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله
إن الأرزاق بيد الله يعطي من يشاء عن سعة، وهو له مختبر، فإن أنفقها في خير كان شكرا لها، والله يقول:
لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد وإذا كان كله من الله السعة والفقر، فإن ذا السعة لا يغتر فيسرف، أو يبخل، والذي قدر عليه رزقه فليعلم أنه عطاء الله أعطاه لحكمة أرادها، والشكر حينئذ هو الرضا بها، والصبر، وقد وصف الله تعالى المؤمنين فقال تعالت كلماته:
والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما
وإن ذلك لحكمة أرادها، فربما يعطي ليظهر طغيان من أعطاه، أو شكره، ولذا ختم سبحانه وتعالى الآية بقوله:
إنه كان بعباده خبيرا بصيرا الضمير يعود في (إنه) إلى الله العليم علم الخبير الذي أنشأ، علم من يرى ويبصر، فهو الذي قدر وأعطى، وهو الذي قدر وقلل، وللغني الشاكر فضله عند الله، وللفقير الصابر قدره.
وقد صدر الآية الكريمة بقوله سبحانه:
إن ربك يبسط فذكر الرب المنشئ القائم على كل شيء الذي يعطي كل إنسان قدره من هذه الحياة ويهديه.