ونهى الله تعالى بعد ذلك عن
العجب والخيلاء، وهو سبيل الضلال كالأوهام:
ولا تمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها
"المرح" الخيلاء والعجب، والفرح بما أوتي من صحة أو كل مال أو جاه أو سلطان، ومرحا مصدر أي ذا مرح، وهناك قراءة بالكسر ، وتكون حالا أي مرحا معجبا مختالا متزينا معتزا بما أعطيه.
قال تعالى:
إنك لن تخرق الأرض أي تخترقها بوطائك مهما تكن قوتك،
ولن تبلغ الجبال طولا أي لن تتناهد السماء وتناصبها، حتى تبلغ طولها، وتعلو عليها، أي إنك مهما تكن في قوتك لن تكون قادرا على خرق الأرض أو التطاول إلى السماء، وهذا يدل على عجزه مهما زعم نفسه قويا، وأنه
[ ص: 4384 ] مهما يتفاخر فهو قميء لا يقدر على شيء مهما يعط نفسه من فخار، وكأن في الكلام تشبيها لحاله بحالة من يحاول أن يخرق الأرض بقوته أو يعلو إلى السماء بغروره، وإن ذلك مستحيل فكذلك ما يزعمه لنفسه مستحيل.
وإن هذا من الكبر والخيلاء، وهما يؤذيان الناس ولا ينفعان صاحبهما، ولقد قال النبي
محمد صلى الله عليه وسلم -:
nindex.php?page=hadith&LINKID=661697 " من تواضع لله رفعه " فهو في نفسه حقير وعند الله كبير، ومن استكبر وضعه الله، فهو في نفسه كبير وهو عند الله حقير.
وإن الكبر يسيء إلى الناس؛ لأن المتكبر يستعلي عليهم ويضيع حقوقهم، ولا يباليهم ولا يحس بإحساسهم ويشمخ بنفسه كأنه فوق التبعة، ولا يسأل عن فعله وحاله، ولذا قال صلى الله عليه وسلم -:
nindex.php?page=hadith&LINKID=657139 " الكبر بطر الحق، وغمط الناس ".