وقد بين الله تعالى ذلك اليوم فقال:
يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنون إن لبثتم إلا قليلا .
(يوم) هو جواب للمشركين عن تحديهم
متى هو ويكون الخطاب للمشركين، ويكون قوله تعالى:
يدعوكم فتستجيبون بحمده معناه الإشارة إلى
[ ص: 4399 ] أن إعادتهم لا تكون إلا بأمره سبحانه وإجابتهم كقوله تعالى: " . . . كن فيكون " ، فالدعوة لا مجاز فيها، والاستجابة تكون بالإيجاز كما ذكرنا في الآية الكريمة.
وقال طائفة من المفسرين وعلى رأسهم
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري: إن هذا كناية عن سرعة الإعادة كما يدعو الداعي فيجيب المدعو فور الدعوة، والاستجابة هنا معناها الرغبة في الإجابة وطلبها كأنهم كانوا وهم خامدون في قبورهم يتوقعونها، ولا يستغربونها، وقوله تعالى:
بحمده أي حالهم تكون حال الحامد الراغب العالم بقدرة الله تعالى لا حال المستنكر أو المستغرب، وكأنهم يكونون في حال غير الحال التي كانوا عليها في الدنيا من كفر وإنكار، بل هم على حال الإقرار بالله تعالى وأنه وحده المستحق للألوهية سبحانه وتعالى.
وتظنون إن لبثتم إلا قليلا أي أنهم يحسبون أنهم مكثوا قليلا في الدنيا على حسب ما قرره قتادة وتبعه
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري، فاللبث القليل في الدنيا، وكما قال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة: تقاصرت مدة الدنيا في نظرهم واعتقدوا أنها متاع وأن الآخرة هي الحياة وأنها أبقى، وفي ذلك إيمان بما لم يكونوا آمنوا به قبل، أي أنهم أدركوا الحقائق على وجهها ولكن كان حمدهم وإدراكهم بعد فوات الوقت، فلم ينفعهم في إبانها ولم ينفعهم حمد ولا إيمان.
هذا على أن اللبث القليل في الدنيا، ولكن نرى كما رأى كثيرون من علماء السلف أن اللبث القليل كان في القبور قبل البعث، ولقد قال تعالى في ذلك:
يوم ينفخ في الصور ونحشر المجرمين يومئذ زرقا يتخافتون بينهم إن لبثتم إلا عشرا نحن أعلم بما يقولون إذ يقول أمثلهم طريقة إن لبثتم إلا يوما
ونريد أن نقول كلمة في إعراب قوله:
وتظنون إن لبثتم إلا قليلا إن (إن) نافية، أي «ما لبثتم إلا قليلا» ويكون ذلك خبرا لـ (أن) ، وتقدير الكلام وتظنون أنكم ما لبثتم إلا قليلا، والآية بينة لا تحتاج في بيانها إلى هذا الإعراب ولكنه تخريج نحوي ذكرناه حيث لم يذكره المعنيون بإعراب القرآن والله أعلم.