فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا "الفاء "؛ لعطف ما بعدها على ما قبلها؛ من غير تراخ؛ فهم أووا إلى الكهف؛ فضرب الله على آذانهم؛ وقد عرف الله الفتية؛ فقال:
إذ أوى الفتية إلى الكهف وتعريفهم لأنهم معهودون في الذكر في قوله (تعالى):
أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا والضرب على الآذان مجاز؛ فإنه يقال: "ضرب الحجاب "؛ إذا أغلق البيت؛ ويقال: "بني الخباء "؛ إذا سده؛ فكنى بقوله (تعالى):
فضربنا على آذانهم في الكهف أي: سددنا هذه الآذان بحجاب؛ وضربنا عليه ضربا محكما؛ لكيلا يصل إلى داخلها أي صوت ينبههم من رقادهم؛ ويصح أن يقال: شبهت حالهم في عدم السماع لأي صوت؛ مع حياتهم؛ بمن سدت آذانهم بحجاب قد ضرب عليها؛ فلا يصل إليها صوت؛ مهما يكن عاليا؛ أو مزعجا؛ فهم أحياء لا يحسون بالأحياء؛ وقوله (تعالى): "في الكهف "؛ فيه إشارة إلى أن في الكهف ذاته يصعب عليهم فيه الإحساس بما عند الأحياء من عذاب وإيلام؛ وقد استمر ذلك أمدا طويلا؛ ليس يوما؛ ولا شهرا؛ ولا سنة؛ بل سنين عدة؛ ولذا قال (تعالى):
سنين عددا فجعل العدد وصفا للمعدود؛ أي: سنين كثيرة بالنسبة لنا؛ أما بالنسبة لله (تعالى) فهي ليست شيئا مذكورا؛ ويقول
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري ؛ ومن تبعه: "إن معنى (عددا)؛ أي: ذوات عدد؛ أي أنها تعد بالسنين عدا "؛ وقد قالوا: إنه إذا قل العدد؛ لا تحتاج إلى عد؛ لأن الأصابع تحصيها؛ أما إذا كثر العدد؛ فإنه يحتاج إلى العد والحساب؛ بعد هذه السنين الطوال التي لا تحصى إلا بالعد والحساب؛ أيقظهم الله من رقادهم؛ فقال (تعالى):