قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمني مما علمت رشدا سأل
موسى - عليه السلام -
الخضر سؤال التلطف المستأذن في الاتباع؛ فلم يرد أن يظهر بمظهر المقحم لنفسه؛ المتهجم بها؛ وقد قال
القرطبي : "هذا سؤال الملاطف؛ والمخاطب المستنزل؛ المبالغ في حسن الأدب "؛ المعنى: هل يتفق لك؛ ويخف عليك؟ وهذا بلا ريب تعليم لآداب الصحبة أنها تكون باتفاق النفوس؛ وتلاقي القلوب؛ والاستفهام لبيان إرادة الاتباع؛ في أبلغ أدب؛ وبين سبب ذلك الطلب؛ فقال:
على أن تعلمني مما علمت رشدا و "رشدا "؛ مفعول لـ "تعلمني "؛ أي: أتبعك على أن تعلمني رشدا مما علمت؛ و "على "؛ تفيد الشرط؛ أي أن هذا الاتباع لغاية; ولذا كان شرطها "أن تعلمني رشدا مما علمك الله (تعالى) "؛ وبني الفعل للمجهول; لأن المجهول في اللفظ معلوم في الحقيقة؛ فقد سبق قوله (تعالى):
وعلمناه من لدنا علما وتوقع
الخضر - عليه السلام - ألا يصبر; لأنه ستقع منه أمور غريبة في ظاهرها؛ ولا يصبر أحد على الغريب من غير أن يتعرفه؛ فقال (تعالى):
[ ص: 4560 ] /