قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا اعتزم
موسى - عليه السلام - ألا يسأله عن شيء بعد هذه المسألة؛ وفي الواقع؛ إن ما كان منه اعتراض؛ وليس بسؤال; لأن السؤال استفسار؛ وليس فيه حكم على الفعل بأنه خير؛ أو شر؛ أو بأنه موضع ملام؛ أم ليس بموضع؛ وكلام
موسى - عليه السلام - كان يحمل معنى اللوم؛ لا الاستفسار؛ ولكنه سماه سؤالا; لأنه أمره بالصبر؛ وخالفه؛ وتأدبا معه في القول؛ فأراد أن يحمل كلامه على أنه استفسار؛ وليس باعتراض؛ وقوله (تعالى): "بعدها "؛ الضمير يعود إلى مفهوم القول؛ وهو المنكرة التي أنكرها على العبد الصالح; إذ رماها بأنها نكر؛ تستنكره العقول والأفهام؛ وفي هذا ترشيح للاعتذار عن العبد الصالح؛ وتمهيد لقوله (تعالى):
قد بلغت من لدني عذرا أي: فقد كان بلغت عذرا في لومك لي؛ والمعنى: أعذرت لنفسك عندي؛ و "لدني "؛ يعني "عندي "؛ ولا تكون إلا للعندية في أمر خطير؛ وأكثر ما تكون للعندية عند الله (تعالى)؛ كقوله (تعالى):
من لدن حكيم خبير ؛ استمرا في سيرهما؛ مراقبين لأعمال العباد؛ فقال (تعالى):