فأتبع سببا أي أنه يردف السبب سببا لشيء آخر؛ وهكذا تتوارد أسباب العمل؛ سببا يتبع سببا؛ أي: يجيء من بعده؛ تابعا له؛ وهكذا مكن في الدنيا؛ إذ اتخذ سبيل الحق والعدل؛ يسلك الأسباب الموصلة بما آتاه الله من العلم والإدراك؛ فإذا كان عادلا منصفا استقر حكمه؛ وانتظمت الأمور؛ وإذا انتظمت الأمور قويت الجماعة؛ واستقامت الأخلاق؛ وسادت الفضيلة وانتصرت في الحروب؛ وإذا انتصرت أنصفت؛ وجلبت المصالح؛ ودفعت المضار؛ وهكذا تترادف الأسباب وتستقيم الأمور؛ وإنه بتوافر الخير؛ واتخاذ الأسباب المكونة لدولة قوية عادلة؛ سار في الأقاليم فاتحا؛ ناشرا لواء العدل؛ ولذا سار يجوس خلال الدول؛ فاتحا؛ مظلا الجماعات بلواء العدل.
حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة ووجد عندها قوما قلنا يا ذا القرنين إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا اتجه في سيره إلى غرب بلاده أولا؛ لأنها الأقاليم التي تصاقبه؛ وإن
الحاكم العادل يؤمن أرضه من جيرانه أولا؛ ثم يتجه إلى ما بعدها؛ شيئا فشيئا؛ حتى يصل [ ص: 4579 ] إلى أقصاها؛ وكذلك فعل؛ ولذا قال (تعالى) عنه: