الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكري وكانوا لا يستطيعون سمعا الموصول بدل؛ أو عطف بيان؛ وهو يشير إلى سبب اختصاصهم بالعرض; إذ إنهم كانوا لا يرونها بعين الاعتقاد؛ ولا يستمعون إلى ذكرها بأذن الحق والإنصات إليه.
كانت أعينهم في غطاء عن ذكري الذكر مضاف إلى الله (تعالى)؛ أي: الأمور التي تذكر بالله (تعالى) وقدرته الباهرة القاهرة على كل شيء؛ وإلى آياته في الكون؛ ودلائل قدرته على إعادتهم كما بدأهم؛ وشبه حالهم في عدم إدراكهم للحق من آيات الله (تعالى) بحال من يكون أمام المبصرات؛ ولكنه وضع على عينيه غطاء يجعله لا يرى؛ ولا يبصر؛ ويكون قوله (تعالى):
عن ذكري مقويا لمعنى التشبيه؛ ومع أنهم كانوا لا يرون الآيات - للغطاء الذي وضعوه على أعينهم - كانوا لا يستمعون إلى الداعي إلى الحق إذا دعاهم؛ فهم قد سدت أمانيهم كل وسائل الإدراك.
فهم لا يرون الآيات بأنفسهم؛ فهم على أعينهم غطاء؛ أو كمن يكونون على أعينهم؛ ولا يستطيعون سماع الحق؛ لأن أهواءهم وشهواتهم وغرورهم بهذه الدنيا التي أغرتهم بغرورها وزخرفها وزينتها قد حالت بينهم وبينه؛ وشبه إعراضهم عنه؛
[ ص: 4594 ] وعدم قبول قول رسلهم؛ بمن أصيب بصمم؛ ولم يستطع سماع القول الهادي المرشد.
وقد بين الله - سبحانه وتعالى - أنه لن يتركهم في ضلالهم من غير مرشد؛ وألا يتخذ لهم عقابا؛ فقال (تعالى):