وإن الله ربي وربكم أي: إن الله (تعالى) خالقي وخالقكم؛ والقائم على شؤوني وشؤونكم؛ وإن ذلك يقتضي أن نعبده؛ ولذا بعد أن قرر الربوبية أمر بالعبودية له - سبحانه وتعالى - وحده؛ لأن الألوهية تلازم الربوبية؛ وفي ذلك إبطال لأوهام المشركين الذين يقرون لله (تعالى) بالخلق والربوبية؛ وأنه رب السماوات والأرض وما بينهما؛ ومن فيهما؛ وما فيهما من خلقه؛ ومع ذلك في العبادة يشركون به الأوثان ويتخذونها أندادا له - سبحانه وتعالى - عما يشركون؛ وهو الواحد الأحد الفرد الصمد.
والفاء في قوله (تعالى): "فاعبدوه "؛ لترتيب ما بعدها على ما قبلها؛ فالعبادة مترتبة على الإقرار بالربوبية؛ لأنه الحق؛ وأن ذلك هو الصراط المستقيم؛ ولذا قال (تعالى):
هذا صراط مستقيم الإشارة إلى عبادة الله وحده؛ وتنزهه عن أن يتخذ ولدا؛ وأنه لا يليق بذاته المتصفة بالكمال؛ أي: هذا وحده هو الصراط؛ أي: الطريق الموصل إلى الحق؛ والخط المستقيم هو أقرب الخطوط للحق؛ ولذا قال (تعالى):
وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله
وهنا قراءتان في قوله (تعالى): "
وإن الله ربي وربكم فاعبدوه "؛ قراءة بكسر "إن "؛ وقراءة أخرى بفتحها؛ وعلى القراءة الأولى كان ما قلناه في معاني
[ ص: 4640 ] القرآن؛ أما على القراءة الثانية فإن هنا محذوفا؛ وهو لام الجر؛ أي: "ولأن الله ربي وربكم فاعبدوه "؛ إلى آخر النص الكريم؛ وتكون الفاء للتصريح بما تضمنه المحذوف.
وقد بين - سبحانه وتعالى - اختلاف الناس في شأن الحقيقة الثابتة؛ وهي طريق الله (تعالى) المستقيم الذي ذكره - سبحانه - في قوله (تعالى):
هذا صراط مستقيم فقال (تعالى):