إنا نحن نرث الأرض ومن عليها وإلينا يرجعون أخبر الله (تعالى) عن نفسه بعبارة تدل على عظمة الله وجلاله؛ وأكد ضمير "إنا "؛ بـ "نحن "؛ للدلالة على أنه لا باقي إلا الله (تعالى)؛ والجميع ميت؛ كما قال (تعالى) - مخاطبا نبيه -:
إنك ميت وإنهم ميتون ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون ؛ وقوله (تعالى):
نرث الأرض ومن عليها أي نحن نرث الأرض ونرث من عليها؛ فموضع "ومن "؛ في قوله (تعالى): "ومن عليها "؛ النصب بـ "نرث "؛ ومعنى وراثتها أنه هو وحده الباقي بعد الأرض؛ ومن فيها؛ فكلها إلى نهاية؛ وقد شبه وجوده - العزيز الجبار - بأنه يكون بعدها; كي يكون الوارث بعد المورث؛ فالمورث يموت والوارث يموت بعده؛ ولكن الله حي لا يموت؛ وليس المعنى أن الله يرث الأرض؛ ويرث ما ترك الناس من المال والنسب؛ فالله غني عن المخلوقات؛ كما قال (تعالى):
يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد ؛ ثم قال:
وإلينا يرجعون وهو البعث؛ وقدم الجار
[ ص: 4644 ] والمجرور على الفعل الذي يتعلق به; لبيان أن المرجع إليه وحده؛ وهو وحده مالك يوم الدين؛ يوم الجزاء؛ يوم القيامة؛ يوم توفى كل نفس ما كسبت.