تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا الإشارة هنا للبعيد؛ إعلاء لشأنها؛ وتشويفا؛ وتكريما لها؛ "نورث "؛ أي يجعلها - سبحانه وتعالى - ميراثا لمن كان تقيا؛ وسميت ميراثا أورث الله (تعالى) به؛ لأنه خلف للعمل الصالح؛ ولأنه ترك الأهواء والشهوات؛ فأخذ بديلا لها تلك الجنة؛ وهي أغلى وأدوم؛ وسمى - سبحانه وتعالى - ذلك توريثا; لأنها خلف؛ كما يملك الوارث بالخلافة؛ بيد أن ذلك ميراث عن عمل صالح بنعيم دائم؛ فهو دائم بدوام المال الموروث؛ وقد قال في هذا
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري ما نصه: "نورث ": استعارة؛ أي: نبقي عليه الجنة كما نبقي على الوارث المال الموروث; ولأن الأتقياء يلقون ربهم يوم القيامة؛ قد انقضت أعمالهم وثمرتها باقية؛ وهي الجنة؛ فإذا دخلوا الجنة أورثهم من تقواهم؛ كما يورث الوارث المال.
[ ص: 4669 ] وقوله (تعالى):
نورث من عبادنا من كان تقيا "من "؛ مفعول؛ و "من "؛ للتبعيض؛ وقوله (تعالى):
كان تقيا تفيد الملازمة للتقوى؛ لا يتحول عنها; لأن "كان "؛ تدل على الدوام والاستمرار؛