قال لهم موسى ويلكم لا تفتروا على الله كذبا فيسحتكم بعذاب وقد خاب من افترى اتجه إليهم ببيان قدرة الله (تعالى)؛ وأنها تستأصل؛ ليزيل برهبة الله (تعالى) القادر رهبة فرعون الذي لا يملك من أمره شيئا؛ وإنما قوته تخيل ووهم؛ وهو في ذاته ضعيف؛ كغيره من الناس.
ومعنى قوله (تعالى) - عن
موسى -:
لا تفتروا على الله كذبا معناه: لا تقطعوا كذبا؛ ولا تقولوه في مقام الحق؛ وصدر النهي بقوله: "ويلكم "؛ أي: الهلاك النازل بكم إن غيرتم الحق وبدلتموه؛ وآثرتم الباطل عليه؛ مرضاة لفرعون وقومه؛ ممالئين في الحق؛ وتقولون الباطل؛ ثم أكد وقوع الهلاك عليهم؛ فقال الله عن
موسى: فيسحتكم بعذاب وقد خاب من افترى الإسحات: الاستئصال؛ وألا تبقى منهم "باقية "؛ ومع هذا الاستئصال الخيبة; لأن الافتراء أشد الخيبة وأفحشها؛ ولا يلجأ إليه إلا الخائبون في ذات أنفسهم؛ يعني أنكم إن كذبتم وافتريتم؛ فإن الهلاك نازل بكم لا محالة؛ ولا تكونون قد نجحتم في هذا السباق الذي يكون فيه الاتجاه إلى طلب الحق.
[ ص: 4745 ] أثرت هذه الكلمات الصادرة عن كليم الله (تعالى) في نفوسهم تأثيرا قويا؛ كما أثرت لقاءات
موسى مع فرعون في نفسه؛ فجعلته يتطامن في القول؛ ويبهره الحق الواضح؛ ولتأثير هذه الكلمات في أنفسهم أخذوا يتجادلون فيما بينهم؛ وقال (تعالى) عنهم: