فتنازعوا أمرهم بينهم وأسروا النجوى الفاء للسببية؛ أي: بسبب ذلك القول الرهيب الذي أرهبهم تنازعوا أمرهم؛ أي: تجادلوا؛ مختلفين غير متفقين في موقفهم من فرعون؛ الذي كلفهم؛ وموسى الذي أفزعهم إن حادوا عن الصواب؛ وجانبوا الحق؛ وعبر - سبحانه - عن تجادلهم بأنهم تنازعوا القول؛ فكان فريق في جانب؛ وآخر في جانب؛ وتجادلوا؛ وكل مجادلة بين متناقضين في النظر؛ نزال وتصارع في الأمر؛ ولكنهم من بعد غلب عليهم أنهم يريدون السلامة لأنفسهم؛ وأسروا القول؛ ولم يريدوا اطلاع الناس على أحاسيسهم وفزعهم؛ ولذا قال - في وصف حالهم -:
وأسروا النجوى أي: بالغوا في إسرار مناجاتهم; لأن المناجاة ذاتها إسرار؛ ومعنى إسرارها المبالغة فيها؛ بحيث لا يستطيع أحد أن يطلع عليهم؛ ولا يعرف ما أسروه؛ وتناجوا به.