قلنا لا تخف إنك أنت الأعلى أي: أذهب عنك الهواجس التي اعترتك من المفاجأة؛ لأننا معك؛ والعاقبة لك؛ "إنك أنت الأعلى "؛ في هذه المبارزة؛ وأفعل التفضيل ليس على بابه; لأنهم لا علو عندهم؛ وإنما المراد أنك أنت الغالب على
فرعون وملئه؛ وأنت المسيطر في الجولة؛ ومعك سلاح الغلب والسلطان؛ وهو المعجزة التي؛ في يمينك؛ ولذا قال له - عز من قائل -: ينبهه إلى معجزته الأولى التي بجست الحجر وفلقت البحر؛ وما كان غافلا؛ بل إن الدهشة التي أوجس منها خيفة جعلته يحتاج إلى أن ينبهه الله (تعالى) - فقال:
وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا وقالوا: إنما أبهم ولم يذكر أنها العصا؛ تعظيما لأمرها; ولأنها هي عود صغير من شجر؛ تأخذ كل هذه الحبال والعصي؛ ولا تبقي شيئا يتخيل؛ أو لا يتخيل؛ وأرى أن قوله:
ما في يمينك تنبيه إلى أن في يده ما يدفع وهمهم؛ فكيف يوجس خيفة؛ وهو في يده؟! وقوله (تعالى):
تلقف ما صنعوا بالجزم؛ جوابا للأمر؛ أي: ألق ما في يمينك - وهو العصا - وقوله (تعالى):
تلقف ما صنعوا أي: تأخذه بسرعة؛ وتبتلعه؛ ولا يكون له أثر؛ "تلقف ما صنعوا "؛ الضمير يعود إلى العصا؛ ولذا صدر المضارع بالتاء؛ فكأنه إبهام؛ ثم بيان؛ فقال: