(الدولة تقوم على النظام )
وبعد أن بين الله تعالى نظام الأسرة - وهي قوام الجماعة - أخذ سبحانه وتعالى يبين نظام الجماعة ، وأنها لا تعيش إلا في عزة ، واستقلال بنفسها ، فصور سبحانه جماعة أصيبت بالذلة فماتت نخرة فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم بالبأس والعزة ، فالذلة موت ، والعزة حياة .
ثم بين الله تعالى حال قوم من بني إسرائيل طلبوا أن يكون لهم ذو سلطان ممكن منهم وبرضا الله سبحانه وتعالى ، فمكن الله لحاكم ذي سلطان ، وهو
طالوت ، لأن له مؤهلات الحكم ، فقد أوتي بسطة في العلم والجسم ، ولكنهم لا يريدون إلا ملكا مسيطرا بحكم الوراثة
قالوا أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق [ ص: 87 ] بالملك منه ولكن الله سبحانه وتعالى أراهم ملكه بأن يتغلب على أعدائهم
وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين ، وقد خرج بهم
طالوت مجاهدا مستردا عزتهم ، واختبر الله إرادتهم بنهر ، فمن شرب منه فليس له من القوة المصممة ما يجاهد به ، ومن لم يشرب منه فله إرادة الجهاد وعزيمته .
ومهما يكن من حالهم فقد كان النصر
ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين .
* * *