اعتزم بعد ذلك
إبراهيم أن يثبت لهم بالعيان؛ كالعلم الذي أوتيه؛ بأن يحطم أوثانهم؛ فلا ترد له كيدا؛ فقال:
وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين أراد أن يثبت لهم بالفعل أنها لا تضر ولا تنفع غيرها؛ بل لا تنفع نفسها؛ ولا تدفع عنها؛ فأراد أن يكيد لها؛ أي: يدبر لها أمرا؛ لو فعل مع غيرها يضرها؛ فقال - مقسما -:
وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين أي: لأفعلن معهم ما يكون كيدا للأحياء؛ إذا توليتم مدبرين؛ أي: إذا انصرفوا عنها؛ وقد جعلوها وراء أدبارهم؛ أي: في غيبتهم عنها؛ أو نقول: الكيد لهؤلاء العابدين؛ ولكن موضع الكيد هو الأصنام؛
[ ص: 4885 ] جعل كأن الكيد لها؛ وهو للعابدين؛ والتاء للقسم؛ وكان القسم بالتاء لأنه مظهر أشد توثيقا؛ واللام لام القسم؛ وروي أن ذلك كان وهم ذاهبون لعيد لهم؛ روى ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ؛ وقلنا: إن ذكر الأصنام؛ وإرادة العابدين لها؛ للإشارة - كما ذكرنا - إلى أنها لا تدفع عن نفسها؛ ولا قدرة لها؛ ومن يعبدونها إنما يعبدون غير قادر؛ لا يملك من أمره شيئا؛ فكيف يملك لغيره أي شيء؟! والله على كل شيء قدير؛