وقد أجابه (تعالى) بقوله هنا:
فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه الفاء عاطفة تدل على الترتيب والتعقيب؛ أي: أجبناه عقب سؤاله؛ والتعدية باللام تدل على كمال الاختصاص بالداعي؛ والعناية به؛ وإصلاح زوجه هو جعلها صالحة للولادة؛ بعد أن جف جهازها التناسلي؛ وقد كانت في ذاتها عاقرا لا تلد؛ وسبحان الفعال المختار الذي لا تحكمه الأسباب؛ بل يحكمها؛ وهو الفعال المختار.
[ ص: 4911 ] وقوله: "له "؛ اللام معناها: لأجله؛ وتكريما له؛ وعناية به؛ واستجابة لدعائه؛ وكان
زكريا ويحيى خيرا خالصا؛ وكذلك الأنبياء السابقون جميعا؛ ولذا قال (تعالى) - في أوصافهم -:
إنهم كانوا يسارعون في الخيرات أي: يتسارعون إلى الخيرات؛ كأنهم يتسابقون؛ وكانت التعدية بـ "في "؛ للإشارة إلى أنهم يسارعون؛ يسابق بعضهم بعضا في دائرة الخيرات؛ لا يخرجون عنها؛ فالخيرات أحاطت بهم إحاطة الدائرة؛ و "الخيرات ":
الأعمال النافعة التي قصد بها وجه الله؛ والعبادة الخالصة له - سبحانه -؛
ويدعوننا رغبا ورهبا "الرغب "؛ معناه: السعة؛ والمعنى: يدعون ربهم في حال السعة والرخاء؛ و "الرهب ": الخوف مع الاضطراب والانزعاج؛ والمعنى: يدعونه - سبحانه وتعالى - في حال رخائهم؛ وحال شدتهم وانزعاجهم؛ فهم يدعونه في كل الأحوال؛ لا كأولئك المشركين الذين يدعون الله في الشدة؛ فإذا ذهبت؛ إذا هم يشركون؛
وكانوا لنا خاشعين أي: خاضعين خائفين؛ راجين الرحمة.