ويستعجلونك بالعذاب ولن يخلف الله وعده وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون السين والتاء للطلب؛ والمعنى: يطلبون العجلة بالعذاب؛ متحدين؛ زاعمين أن ذلك الإنذار لا يقع كما قالوا: " فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين " ؛ وإن هذا التحدي منشؤه غفلة في نفوسهم وعقولهم؛ إذ حسبوا أنه لن يجيء؛ على حسب زعمهم؛ فأكده الله (تعالى) بقوله:
ولن يخلف الله وعده فهو جاء لا محالة؛ وكل ما يأتي واقع؛ وقريب؛ مهما يكن تمادي الزمان؛ وإن الزمان قريب؛ أو بطيء؛ هو بالنسبة للعباد؛ أما عند الله فإنه لا تحكمه الأزمان والأماكن؛
وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون لأن أزمان أهل الدنيا؛ أعراض لأحوالهم؛ أما الزمن عند الله فهو غير مقدور ولا معدود; ولذا قال (تعالى):
وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون فلا تستطيعون أن تقدروا زمنا لما يعدكم به؛ فلا يقال لكم: هو مائة؛ أو مائتان؛ ولكن هو محكوم بإرادته وتقديره - سبحانه -؛ وهذا
[ ص: 5001 ] تصوير لإمهال الله في تقديره؛ وهو العظيم الحكيم العلي القدير؛ وتقديره - سبحانه - اليوم عند الله (تعالى) بألف سنة مما نعده بالأيام والليالي؛ إشارة إلى أنه لا يعد؛ وهو فوق تقديركم؛ والعرب ما كانوا يعرفون إلا الألف ومضاعفاته عدا؛ روي أن أعرابيا أعطاه الخليفة ألف دينار؛ فذكر ذلك لبعض صحبه؛ فقال له: لو طلبت أكثر لأعطاك؛ فقال الأعرابي: ما كنت أعرف فوق الألف عددا؛ فذكر الألف تقدير بأكبر عدد نعرفه؛ أو إطلاق للعدد؛ فالمعنى أنه ليس لكم أن تتصوروا سنين معدودة؛ بل إن وعد الله بالعذاب سيجيئكم لا محالة؛ ولا تتحدوا رسوله؛ وإنهم يرونه بعيدا؛ ونحن نراه قريبا؛