وقد ذكر الله - سبحانه - بعد ذلك جزاء أولئك المتصفين بهذه الصفات؛ وهم المؤمنون حقا؛ فقال - عز من قائل -:
[ ص: 5051 ] أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون ؛ " الإرث " ؛ انتقال المال من إنسان لإنسان؛ بحكم الخلافة عنه؛ أو بحكم البقاء دونه؛ وهذا المعنى هو الظاهر من العبارات؛ فإن أولئك المشركين كانوا يحسبون أنهم وحدهم الباقون; لأنهم أكثر مالا وأعز نفرا؛ وبقاؤهم في هذه الدنيا; لأنهم ما كانوا يؤمنون بالبعث؛ ويقولون أئذا متنا وكنا ترابا أئنا لفي خلق جديد؟! ويفرضون أنه إن كان بعث فإنهم أصحاب السلطان يوم البعث.
فبين الله (تعالى) أن أهل هذه الصفات هم الذين يرثون؛ ويخلفون غيرهم؛ وأنهم الباقون؛ وأن كل متع الآخرة تكون لهم; لأنهم أبقى؛ وسجاياهم تجعلهم أهل النعيم الباقي؛ ولذا قال عن ميراثهم:
يرثون الفردوس هم فيها خالدون ؛ " الفردوس " : الأرض الواسعة المملوءة بالحدائق الغناء؛ والمثمرات اليانعات؛ والجنات المزهرة؛ وينعمون فيها بخيراتها ومناظرها؛ إذ تجري من تحتها الأنهار؛ وينعمون مع ذلك بالخلود; ولذا قال (تعالى):
هم فيها خالدون ؛ والضمير في " فيها " ؛ يعود إلى الفردوس؛ على أساس معناها؛ لأن معناها: الجنة.