ويذكرون بعد ذلك أشد ما يدعوهم؛ استنكارا؛ وهو وعدهم بالبعث؛ فيقول (تعالى) - عنهم -:
أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون ؛ كانت المادة الأولى لإنكارهم؛ التي سوغت كفرهم؛ أنه بشر مثلهم؛ ثم كانت المادة الثانية أنه يعدهم بأنهم سيبعثون؛ قالوا - مستنكرين؛ ومستبعدين -:
أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون ؛ الاستفهام للإنكار؛ أي: استنكار هذا الوعد؛ لإنكار الواقع؛ فهو في معنى التوبيخ للنبيين على هذا الوعد الذي وعدوه؛ والذي هو جزء من رسالتهم؛ ويذكرون سبب الإنكار في أمرين؛
[ ص: 5072 ] أولا: أنهم ماتوا؛ والثاني: أنهم صاروا ترابا وعظاما بالية؛ وهي رميم؛ وإن ذلك يجعل الإعادة في نظرهم مستحيلة; لأن الأرواح زهقت بالموت؛ والأجسام بليت؛ ونسوا أن الذي بدأهم وأنشأهم من العدم - كما قال - سبحانه -:
كما بدأكم تعودون -؛ وأن الذي فطرهم أولا هو الذي يعيدهم ثانية؛ ويزيدون في استبعادهم؛ أو إنكارهم؛ أنهم مخرجون من دفائن القبور إلى ظاهر الوجود؛ وكل ذلك من سيطرة المادة؛ ويؤكدون ذلك فيقولون: