بعد هذا الإنكار الذي من شأن الذين كذبوا بلقاء الآخرة؛ ينتقلون من مرتبة الإنكار المجرد؛ إلى مرتبة التهجم على مقام الرسالة؛ فيقولون:
إن هو إلا رجل افترى على الله كذبا وما نحن له بمؤمنين ؛ " الافتراء " : الاختلاق; لأنه افتعال من " فرى " ؛ بمعنى: قطع؛ أي أنه قطع واشتد في اختلاق الكذب؛ بما قال من قول بعيد عن معقولهم وأهوائهم؛ وادعوا أنه افتراء الكذب على الله (تعالى)؛ وهو أعظم الافتراء؛ " إن " ؛ نافية؛ وبعدها الاستثناء؛ فهو نفي وإيجاب؛ ومعنى ذلك أنهم قصروا حال الرسول على افتراء الكذب على الله (تعالى)؛ وكأن عبارتهم فيها نوع تحقير لرسولهم؛ إذ يقولون:
إن هو إلا رجل ؛ من غير أن يذكروا اسمه؛ أو رسالته؛ ويحصرونه في الافتراء عليه - سبحانه -؛ ثم يردفون ذلك؛ مؤكدين كفرهم:
وما نحن له بمؤمنين ؛ أي: ما نحن بمذعنين لقوله؛ ولا مصدقين به؛ ولتضمن الإيمان معنى الإذعان والتسليم عدي باللام؛ أي: ما نحن بمصدقين؛ ولا مذعنين له.