وإن هؤلاء يتنكبون الصراط المستقيم; ولذا قال (تعالى):
وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون ؛ يقال: " نكب عنه " ؛ أي: مال عنه وانحرف إلى غيره؛ والصراط هو الصراط المستقيم؛ وقد مالوا عنه إلى مسارات الشيطان؛ فالصراط المستقيم هو صراط الله (تعالى)؛ كما قال - تعالت كلماته -:
وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون
وقد وصف الله - سبحانه - الذين لا يؤمنون بالآخرة بالميل عن طريق الحق; وذلك لأن الذين لا يؤمنون بالآخرة ماديون؛ لا يؤمنون إلا بالمادة؛ والإنسان روح كماله في أن يؤمن بالغيب؛ ولذلك كان من أوصاف المؤمنين الإيمان بالغيب؛ وإن الذين لا يؤمنون بالغيب يحسبون أن الحياة الدنيا هي كل شيء؛ فتسلط عليهم أهواؤهم وشهواتهم؛ والشهوات مردية؛ والأهواء فاتنة النفوس؛ والذين لا يؤمنون
[ ص: 5099 ] بالآخرة يحسبون أنهم خلقوا عبثا؛ وأنه لا جزاء لمن أحسن؛ ولا عقاب على من يسيء؛ كما قال (تعالى):
أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون