وقد ذكر - سبحانه - أسوأ أحوالهم؛ وهي السخرية ممن يتضرعون إلى الله (تعالى)؛ فقال:
إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين ؛ وإن الله (تعالى) ليذكرهم بأعمالهم مع المؤمنين الذين كانوا يضرعون إلى الله (تعالى)؛ ويرجون رحمته؛ ويخافون عذابه؛ فيقول:
إنه كان فريق من عبادي ؛ هذه الجملة في مقام التعليل لإبعاد المشركين وطردهم؛ ومنعهم من الكلام معه؛ أي أنه - سبحانه وتعالى - يعاملهم يوم القيامة بهذه المعاملة المبعدة الطاردة؛ جزاء وفاقا لما كانوا يعملونه مع المؤمنين؛ والفريق من عباده هم فريق المؤمنين الذين كانوا يؤمنون به وبرسله؛ ويضرعون إليه؛ يقولون:
ربنا آمنا ؛ أي: صدقنا وأذعنا؛ وصرنا ممن اتبعوا رسولك؛
فاغفر لنا [ ص: 5124 ] وشأن المؤمن الضارع أن يحسب أن ذنوبه قبل حسناته؛ فيطلب الغفران قبل طلب الجزاء على الطاعة; لأنه يحس أنه لم يقم بحق الله (تعالى) عليه؛ حتى يطالب بحق له؛
وارحمنا ؛ أي: امنن علينا بدوام الهداية؛ وأدخلنا في رحمتك؛ دعوا الله (تعالى) أن يرحمهم؛ ولم يدعوه بأن يكافئهم؛ بل يحسبون - كشأن الأبرار - أن ما كان يجزيهم به من خير فهو فضل رحمته ورضوانه؛ ولا يحسبون أنهم عملوا ما يستحقون عليه جزاء؛
وأنت خير الراحمين ؛ أي: وأنت الذي ترحم رحمة ليس فوقها رحمة؛ يا رب العالمين.