[ ص: 5244 ] معاني السورة
قال (تعالى):
تبارك الذي نـزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا الذي له ملك السماوات والأرض ولم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك وخلق كل شيء فقدره تقديرا واتخذوا من دونه آلهة لا يخلقون شيئا وهم يخلقون ولا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا وقال الذين كفروا إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون فقد جاءوا ظلما وزورا وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا قل أنـزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض إنه كان غفورا رحيما تبارك الذي نـزل الفرقان ؛ أصل " تبارك " ؛ من " البرك " ؛ وهو صدر البعير؛ ثم صارت البركة تطلق على كل خير ملازم ثابت؛ ومنه البركة بكسر الباء؛ تطلق على الماء الثابت؛ والماء في ذاته بركة وخير.
و " تبارك " ؛ معناها: التنبيه على ما في القرآن من خير لازم مستمر؛ لا تبلى جدته أبدا؛ فالبركة في القرآن؛ ونسبتها إلى الله (تعالى) لأنه مصدرها؛ وموجدها؛ فالله (تعالى) تسامت بركته بإنزال القرآن لعباده؛ وتعريفهم بما اشتمل عليه من بيان العقائد والأحكام.
[ ص: 5245 ] و " عبده " ؛ هو
محمد - صلى الله عليه وسلم -؛ فالله - تعالت كلماته - أنزل القرآن على عبده؛ ليبلغه لعباده من العالمين؛ وليكون نذيرا؛ أي: منذرا مبينا؛ وهو بشير ونذير؛ ولكن ذكر النذير فقط؛ لأن كثرة الذين تلقوه كانوا مستحقين للعذاب؛ إذا استمروا في غيهم وضلالهم؛ ولذلك ذكر الإنذار؛ وترك التبشير للآيات الأخرى؛ من غير إهمال؛ فهو الجانب الأحب في ذاته.
و " الفرقان " ؛ هو القرآن؛ وسمي " الفرقان " ؛ لأنه فارق بين الحق والباطل؛ والهداية والضلال؛ والعدل والظلم; ولأنه نزل مفرقا منجما؛ كما قال (تعالى):
وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ؛ وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري أن
القرآن سمي " فرقانا " ؛ لتفرقته بين الحق؛ والباطل؛ أو لأنه نزل مفرقا؛ وأرى أنه لا مانع من الجمع؛ ففيه الأمران؛ فهو مبين للحق والشريعة؛ وقد نزل مفرقا؛ فهما ليسا وجهين مختلفين؛ بل فيه الأمران.
و " العالمين " ؛ العقلاء من الجن؛ والإنس؛ المكلفون أحكامه؛ والمطالبون بتنفيذها.