وقال الذين كفروا إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون فقد جاءوا ظلما وزورا ؛ وقد أظهر هنا؛ ولم يذكر الضمير مجردا كالآية السابقة; لبيان أن الصلة هي السبب في هذا القول؛ فالقرآن لم يكن إفكا في ذاته؛ فقد تحداهم أن يأتوا بمثله؛ فعجزوا؛ وببعضه؛ فعجزوا؛ وبأن يأتوا بسورة من مثله؛ فعجزوا؛ وحصروه في الإفك؛ فلم يقولوا: إفك؛ بل يحصرونه في الإفك في قولهم:
إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون ؛ " إن " ؛ هنا؛ نافية؛ فهنا نفي وإيجاب؛ أي: ما هذا إلا إفك افتراه؛ أي: كذب قصد إلى افترائه؛ وقد أوغلوا في الادعاء البهات الكذب؛ فقالوا:
وأعانه عليه قوم آخرون ؛ والقوم الآخرون هم ناس كانوا من
الروم بمكة؛ وقد قال (تعالى) - في رد كلامهم -:
لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين ؛ وقد وصف الله (تعالى) فعلهم بقوله:
فقد جاءوا ظلما وزورا ؛ " جاؤوا " ؛ بمعنى: " أتوا " ؛ فيقال: " جئت المكان " ؛ و " أتيته " ؛ الفاء للإفصاح؛ أي: فقد أتوا ظلما بهذا القول؛ لأنه كفر وشرك:
إن الشرك لظلم عظيم ؛
وزورا ؛ أي: كذبا؛ يبهت السامع؛ لأنه غريب في أنه لا أصل له؛ وقد نكر
ظلما وزورا ؛ للإشارة إلى عظمة هذا؛ وكبر هذا الزور؛ إذ إنه غير معقول في ذاته؛ بالنسبة
لمحمد - صلى الله عليه وسلم - إذ عاش بينهم أربعين سنة قبل الرسالة؛ واشتهر بالصدق والأمانة؛ حتى كان الأمين؛ وقد قال (تعالى) - حكاية -: